![]()
اخي الزائر لديك رسالة خاصة من شبكة همس الشوق للقراءة ! اضغط هنا ! ![]()
![]() ![]() ![]()
\r\n \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n \r\n \r\n\r\n \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\nالصمت الفضيلة الغائبة \r\n \r\nلا يتوقف العالم عن الكلام، ولا يُقدّر الصمت، ويُصفّق دائماً لمن يتحدث أكثر، ويصفه بالإنفتاح والحضور والإجتماعية وسعة الأفق.. بل أصبحت الإنطوائية والميل إلى السكوت مرضا يتنصّل منه البعض، وتنهال على صاحبه الأوصاف السوداء تارة والساخرة تارة أخرى من معقد ومغلق ومحدود الفكر وكئيب.. هل نحن في زمن قلب الحقائق وتبدل المفاهيم الراسخة على مر العصور، أم أننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا وذاتنا؟ أسئلة تطرح نفسها وتحتاج منا إلى إجابات حاسمة كي لا نضل الطريق. \r\n \r\n[] فضيلة الصمت: \r\n \r\nقديما قالوا: إذا تمَّ العقل نقص الكلام. \r\n \r\nوأثني أحدهم علي فضيلة الصمت فقال: هو زينة بدون حلية، وهيبة بدون سلطان، وحصن بدون حائط. \r\n \r\nرأيتُ الكلام يزينُ الفتى *** والصَّمتُ خير لمن قد صَمَتْ \r\n \r\nفكم من حروفٍ تجرُّ الحتوفَ *** ومن ناطقٍ ودّ أن لو سَكَتْ \r\n \r\nقال صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا» رواه أحمد والترمذي، أي من صمت عن النطق بالشر. \r\n \r\nقال الغزالي: هذا من فصل الخطاب وجوامع كلمه صلى اللّه عليه وسلم وجواهر حكمه، ولا يعرف ما تحت كلماته من بحار المعاني إلا خواص العلماء، وذلك أن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة من نحو كذب وغيبة ونميمة ورياء ونفاق وفحش ومراء وتزكية نفس وخوض في باطل، ومع ذلك إن النفس تميل إليها لأنها سباقة إلى اللسان ولها حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان، فالخائض فيها قلما يقدر على أن يلزم لسانه فيطلقه فيما يحب ويكفه عما لا يحب، ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار وفراغ الفكر للعبادة والذكر والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة. \r\n \r\nعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عظني وأوجز، فقال: «إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَاجْمَعْ الْإِيَاسَ مِمَّا فِي يَدَيْ النَّاسِ» رواه أحمد. \r\n \r\nروي أنه التقى أربعة من أذكياء الملوك: ملك الهند، وملك الصين، وملك الفرس، وملك الروم.. فإجتمعوا على ذم الكلام ومدح الصمت، فقال أحدهم: أنا أندم على ما قلت، ولا أندم على ما لم أقل، وقال الآخر: إنّي إذا تكلمت بالكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلم بها ملكتها ولم تملكني، وقال الثالث: عجيب للمتكلم، إن رجعت عليه كلمته ضرّته، وإن لم ترجع لم تنفعه، وقال الرابع: أنا على ردّ ما لم أقلّ أقدر مني على ردّ ما قلتُ. \r\n \r\n[] إعمل أكثر مما تتكلم: \r\n \r\nالصامتون من خير أهل الأرض.. هم من يصنعون التغيير ويُضيفون كثيراً في عصر الثرثرة.. الفئة النادرة التي تعمل أكثر مما تتكلم. \r\n \r\nيقول زيجلر: ثُلث ما يتعلمه حاملو درجة الدكتوراه من علم يأتي من خلال دراستهم الأكاديمية فقط، أما الباقي فيكون حصيلة التأمل والمراقبة خلال سنوات عمرهم الباقية، لذا فليس كل متعلم مفكِّرا. \r\n \r\nإن الإنجاز لن يولد في الضجيج بل تتشكل ملامحه وسط غابات من الصمت ومن السكون، والإنطوائية ليست عيباً، بل دليل نبوغ في أحيانٍ كثيرة. \r\n \r\nوالصمت يمنحك طاقة قوية للتفكير بعمق في كل ما يحصل حولك والتركيز بعقلانية على إجابتك.. قال د.عبد الوهاب المسيري رحمه الله: لا أقبل شيئاً على علاته، وهذا ما أصابني بداء التأمل. \r\n \r\n[] لكل حالة لبوسها: \r\n \r\nجعل الله تعالى الصمت ستراً على الجاهل، وزيناً للعالم.. روي أن رجلاً كان يجلس إلى أبي يوسف، تلميذ أبي حنيفة، ويطيل الصمت، فقال له أبو يوسف يوماً: ألا تتكلم؟ فقال بلى: متى يفطرُ الصائم؟ فأجابه: إذا غابت الشمس، فقال: فإن لم تغب إلى نصف الليل؟ فضحك أبو يوسف، وقال: لقد أصبت في صمتك وأخطأت أنا في طلبي لنطقك، ثم قال: \r\n \r\nعجبتُ لأزراءِ العيي بنفسهِ *** وصمتُ الذي كان بالصمتِ أعلما \r\n \r\nوفي الصمتِ سترٌ للعيي *** وإنما صحيفةُ لبّ المرءِ أنْ يتكلّما \r\n \r\nفالصمت ليس محمودا على الإطلاق والكلام أيضا.. بل يبقى لكل مقام مقال، ولكل حالة لبوسها، ولو كان الصمت فضيلة بإطلاق لماتت النصائح الصادقة وغاب التوجيه السديد وفقدنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ميز هذه الأمة وقامت عليه خيريتها.. تعيش الكلمةُ الصادقة ويُخلد صاحبها، ويبقى في وجدان الناس ويسكن ذاكرة قلوبهم، أما الضجيج الكاذب فربما يبقى قليلا لكن سيظل هشا مُهمشاً في زاوية الصخب.. سيعيش نكرة ويمضي نكرة، ويموت في جوف الفراغ سراباً بلا معنى. \r\n \r\nإن الصمت وإن صاحبه سلامة مؤقتة لكنه مسمار يُدَقُ في نعش الفضيلة، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المائدة:78-79] \r\n \r\nقال صلى الله عليه وسلم: \r\n \r\nـ «رحم الله امرءا تكلم فغنم أو سكت فسلم» صحيح الجامع:3492، وأفهم بذلك أن قول الخير خير من السكوت لأن قول الخير ينتفع به من يسمعه والصمت لا يتعدى صاحبه. \r\n \r\nـ «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» متفق عليه، قال القرطبي: معناه أن المصدق بالثواب والعقاب المترتبين على الكلام في الدار الآخرة لا يخلو إما أن يتكلم بما يحصل له ثواباً أو خيراً فيغنم أو يسكت عن شيء فيجلب له عقاباً أو شراً فيسلم، وعليه فـ أو للتنويع والتقسيم، فيسن له الصمت حتى عن المباح لأدائه إلى محرم أو مكروه، وبفرض خلوه عن ذلك فهو ضياع الوقت فيما لا يعنيه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. \r\n \r\nوأفاد الخبر أن قول الخير خير من الصمت لتقديمه عليه، وأنه إنما أمر به عند عدم قول الخير.. قال القرطبي: وقد أكثر الناس الكلام في تفصيل آفات الكلام وهي أكثر من أن تدخل تحت حصر وحاصله أن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن يتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات، فحينئذ تخرج تلك الكلمة مخطومة وبأزمة التقوى مزمومة. \r\n \r\nقال ابن القيم رحمه الله: .. وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها وهو بارد القلب ساكت شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلا مبالاة بما جرى للدين، وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذَّل وجد وإجتهد، وإستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه، وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بُلوا في الدنيا بأعظم بليه تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وإنتصاره للدين أكمل. \r\n \r\nوقال أحدهم: الصمت عن الخنا، أفضل من الكلام بالخطا. \r\n \r\nوقال شمس الدين السفاريني: المعتمد أنَّ الكلام أفضل، لأنَّه من باب التحلية، والسكوت من التخلية، والتحلية أفضل، ولأنَّ المتكلم حصل له ما حصل للساكت وزيادةٌ، وذلك أنَّ غاية ما يحصل للساكت السلامة، وهي حاصلةٌ لمن يتكلم بالخير مع ثواب الخير. \r\n \r\nالكاتب: د. خالد سعد النجار\r\n \r\n \r\n \r\n الموضوع الأصلي :\r\nالصمت الفضيلة الغائبة || الكاتب :\r\nسحر العيون || المصدر :\r\nشبكة همس الشوق \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n\r\n\r\n \r\n \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n \r\n \r\n![]() \r\n\r\n\r\n \r\n\r\n
|