حين تسد في الوجه كل الابواب

#1 1 - 1 - 2020, 09:15 AM

ألاحِقُ في الأزِقَّةِ السَّاحات، فَأَغْدُو خَلْفَها،
هذِهِ الحيَوانَات الجَمِيلَة الَّتِي تَحْمِلُ حِقْدَ الإِنْسَانْ،
والسَّاحَاتُ غُولاً في وجْهِي...!
ومِنْ بابٍ إلى بابٍ، أَشْدُو كَحالمٍ،
ـ أنا الَّذي أَغْوَتْنِي هَذه الأبوابُ بمَساحيقِها ـ
ضيَّعَتْني خِلالَ تَسَلُّقِ هَاماتِها...!
وجوهاً غَزيرةً تُطْلِقُ عِنانَها للرِّيحْ...!
وهأنَذا أصْعَدُ هَـذي التِّلالْ،
كما أفْعَل كُلَّ يَوْمْ،
والسَّنَواتِ الخَالِيَهْ
كَيْ أتَسَلَّى قليلاً...!
ثُمَّ أقِفُ على قِمَّةِ التَّلَّةِ هُناكَ...!
كَكُرَةِ ثَلْجٍ، أتَحَلَّلُ مِنْ شِدَّةِ الوَجْدْ،
أتَحَلَّلُ، وَأَنا كُلِّي عِشْقْ...!
أَتَوقَّدُ جمراً، وأحْتَرِقْ،
أتَحَلَّلُ مِنْ جَمْرِ الشَّوْقِ...
ثُمَّ أتَدفَقْ...!
أتدَفَّقُ فوق هاماتها، شَلَّالاً زُلاَلاً....!
ماءً عَذْباً فُراتاً، ومِنْ شِدَّةِ البَوْحِ أغْرَقْ...!
ثُمَّ أنْسابُ مِنْ غَيرِ وَعْيٍ،
في مَهَبِّ الرِّيحِ المَجْنونةِ،
تقْذِفُني نَحْو الهَاوِيَـهْ..!
العَلاماتُ، واللافِتاتُ تُحرِّكُها الرِّياحْ،
وأنا المُتَدحْرَجُ، لاأقِفُ !
تائهٌ في مَهَبِّ الرِّيحِ.
كفِكْرةٍ مُتَحِّررَةٍ،
أهْتِفُ عنْدَ كُلِّ بابٍ،
أَدُقُّ...،
أصِيحُ: أَيْنَ الإنْسانْ...؟ أَيْنَ الإِنْســانْ؟
أينَ الإنْسـانْ؟
ياأيُّها الأَخْرَقْ...
فلا ألْقى لَديَّ سِوى نقيقَ سُؤالْ،
حيثُ أَدُوبُ كالجَليدِ أَمامَ النَّارْ،
ثُم أَحْمِلُ غَصَصي الحَرَّى وكُل مَا سَكَنْ،
مِنْ وَحشَةٍ، من غربةٍ، ومِنْ أرَقْ
مِنْ كَمدٍ ووَجعٍ، وحَزَنْ،
أَصيرُ جُثةً هامدةً،
تهاوَتْ على الأرْضِ، تغرَقُ الوَحْشَةُ...،
تَغْرَقْ،
في بِحارِ دماءٍ بريئـةٍ تتعَمَّقْ ....
تغرَقُ، بِلا قَرارْ...!
فلا تُغْريكَ الأسْوارُ، ولا تَهُمُّكَ الأَخْطارُ،
سِوى ثِقْل الهَواجِسِ الإنْسانِيـَــهْ.
²²²²²²²

فَتَحْت البابَ، فانْدفَعتْ رياحٌ قوِيــهْ،
غالبْتُها سائراً باتجاهِ البَحرْ،
أحسَسْتُ بعَياءٍ،
التفَتْتُ، رأيتُ إنساناً تفكَّكْ...!؟
رأيتُ خواءً...!
وصياحاً بَل عُواءً...!
ثُم غُولاً فَاغِراً فاهْ...!
ويا لَيْتَني ما رَأيْتُ ولَا أَبْصرْتُ...!
رأيتُ إنساناً تحَوَّلْ...
سقطَتْ منهُ الأكُفُّ، والأصابِعْ...!؟
انْهَمرَتِ الأطْرافُ...،
تَخَلْخَلَتِ العُيُونُ والأنْفُ...!
انْسَلَّتِ الأَدْرُعُ،
الْتَفَّتِ السَّاقُ بالسَّاقِ ...
ثُم تَبَخَّرَ الجَسَدُ...،
لَمْ يعُد شَيئاً...!
أَحَقا كَانْ...؟!
وهَلْ كَان...؟
ذَبَّ في رَحِم الأَرْضْ...!؟

²²²²²²²
خَلْفَ الأَبْوابِ هُناكَ،...
كانَتِ الفتَياتُ يصْدَحْنَ بالغِناءِ ،
والمُنْتَزَهاتُ والخُضْرةُ!
والحفلاتُ والحِنَّاءُ...
وَ الفُروسِيةُ، والزَّغاريدُ الآسِرَهْ!
والماءُ العَذْبُ الزُّلاَلُ ، والرَّوَابِي،
وَالمُروجُ، والغِدْرانُ...!
وأعْشاشُ الطُّيُور، وَالبَلاَبيلُ تَصْدَحُ...
وأَجْرانُ الحُبوبِ المُتْخَمهْ،
والنَّوايا الحِسَانْ...
كان الإنْسانُ حَقا إِنْسَانْ...!؟

²²²²²²²
وَراءَ هَذا البابِ،
قِطَطٌ لَامعَةُ العُيونِ...!
وَشَيءٌ مِنْ بَريقْ...
تَموءُ بيْنَ الخَرابْ،
وأُخرَى هائِجَةٌ تتَقاتَلُ بيْن صفا ئِحِ القُمامـَــهْ،
والجُرْذانُ، والغِرْبانُ، والجَماجِمْ،
وهَياكِلُ رُؤُوسٍ ، أَقْبعُ خَلْفَها،
مِثْلَ غُرابٍ في الأَنْقاضِ يَنْعَقْ.
ثُم أسِيرُ في وَحْشَتي...
ضارِباً في زَحْمَةِ الأَزِقَّةِ وَالدُّرُوبْ،
أَدُوبُ في غُرْبَتي..
أَتَفَتَّتُ مِنَ المَلَلْ..
أَتلَمَّسُ الطَّريقْ...
وَقدْ سُدَّت أَمَامي كُلُّ السُّبُلْ،
شَحَّتْ يَنابيعُ مَائي،
ولَيْلي صَار طَويلاً ثقيلاً،
بَرْدُ الكَآبةِ قاسٍ يَزْحَفْ،
أُوَجِّهُ خُطُواتِي نَحْوَ المَجْهولِ!؟
لا نِهايَةَ لِي، ولا بِدايـَــــهْ...!؟
لا بِدايةَ لِي، ولا نِهايــَـــهْ...!؟
فأَكْتشِفُ أن َّكُلَّ الأَبْوابِ:
مُزَيَّفَهْ...، دَنِيئــَــــهْ...!
مُهْتَرئةٌ، وَقاتِمـَـــــهْ....!

²²²²²²²

غَيرَذَاكَ البابَ المُشْرَعَ بالنُّورِ،
محاولَتِي الأخِيرَةُ
لأنْ أَفوزَ فَوْزاً عَظيماً...!
وقَدْ هَيَّأتُ للتِّرْحالِ ـ منْ وَجَعِ الفُؤادِ ـ مَراكِبْ،
أَشُمُّ رائِحَةَ الاخْضِرارِ،
أَسْتَنشِقُ الماءَ الزُّلالَ...
تَتَّسِعُ الرِّئَتانِ،
يَتَّسِعُ القَلْبُ...
يَسْكُننِي النُّورُمِنْ بِدايَتهِ...!
أَراهُ بِرُوحِي، وبِقلْبي أُبْصِرُهُ...
ويَأْسِرُني...!
يَحْمِلُني إلى آفَاقِهِ الرَّحْبَهْ،
ولَنْ أَخيبْ،
سَيَكُون ُذاكَ البابُ...!
كما صَوَّرَتْهُ مُهْجَتي
فِطْرَتِي..
فِراسَتِي، مَقاماتِي...
هُوَ البابُ الحَقِّ...
إليْهِ أفيءُ ...
حين تسد في الوجه كل الابواب...!

بقلم : محمد ايت علو

الموضوع الأصلي : حين تسد في الوجه كل الابواب || الكاتب : غربه مشاعر || المصدر : شبكة همس الشوق

1 - 1 - 2020, 09:36 AM

يشرفني ان اوكون اول المارين
على موضوعك ونتهك حقوق
الاخرين في الرد الاول
ماأجمل تلك المشاعر التي
خطها لنا قلمك الجميل هنا
لقد كتبت وابدعت
كم كانت كلماتك رائعه في معانيها
فكم استمتعت بموضوعك الجميل
بين سحر حروفك التي ليس لها مثيل
باقه من الورد اتركها هنا
مع احترامي وتقديري
دمتي بخير

1 - 1 - 2020, 07:32 PM

لا يقفل الله باب
الا وفتح الف باب غيره
سلمت اناملك الجميله ياعسل
ودي وعبير وردي

2 - 1 - 2020, 05:37 AM

شاكرة مرور عطر حروفي

11 - 1 - 2020, 04:38 AM

طرح رآقي وأنتقـــاء مميـــز
الله يعطيكـ العافيه
لـروحكـ السعاده الدائمــه
:k1::k1:

11 - 1 - 2020, 05:59 AM

شكراً للمرور

17 - 1 - 2020, 01:33 AM

يسلم تألقك
ويسلم ذوقك
ماننحرم طروحاتك الراقية
لقلبك السعادة:r:

19 - 2 - 2020, 02:30 AM

طرح في غاية الروووعه والجمااااال
وانتقاء ذو ذآآآئقه عذبة
كل الشكر على طرحكِ الرآآآئع
وفي انتظار ابداعكِ القادم بكل شوق
لكِ وآآآفر التقدير والمحبه
تقبلي مروري المتواضع
في متصفحك

29 - 2 - 2020, 02:41 PM

طرح بمنتهى العذوبه والخيآل,,
سلمت اناملك على هذا النثر الاكثر من رائع
دمت ودام عطائك
ودي وشذى الورد

9 - 5 - 2020, 05:55 PM

فيضَ مَنَ الجَمــالْ الَذي سكبتهْ
تِلَكَ الَـأنــاملْ الَاَلمَــاَسيَةَ ..!
طًرّحٌ مٌخملَي ..,
كُلْ شَئَ مختلفْ هُنــا
يعطَيكـً العآفية ..ولـآحرَمنآ منَكـً
بإنتظَآرَجَديِدكًـ بشغفَ

المواضيع المتشابهه لموضوع: حين تسد في الوجه كل الابواب لموضوع: حين تسد في الوجه كل الابواب
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
شهر رجب على الابواب 2021	عادل ابن الرافدين	همس المواضيع العامة	9	16 - 5 - 2021 03:10 PM
لاتغلق كل الابواب	نظرهـ خجولهـ	نفحات اسلاميه	6	13 - 6 - 2019 05:14 PM
رمضان على الابواب	عادل ابن الرافدين	نفحات اسلاميه	11	1 - 10 - 2014 06:51 PM
فن النقش على الابواب	حلوه ماتنصاد	همس للصور والغرائب	7	1 - 12 - 2011 04:27 PM
ي الابواب ستطرق	سهام بنت الاردن	همس للنقاش والحوار الجاد	4	9 - 10 - 2011 09:38 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)

الأعضاء الذين قاموا بتقييم هذا الموضوع : 0
لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع

التسجيل مجاني
سجلاتنا تفيد بأنك غير مسجّل ,, يرجى التسجيل اسم العضو كلمة السر تأكيد كلمة السر البريد الإلكتروني تأكيد البريد الإلكتروني تاريخ الميلاد: هل انت موافق على قوانين المنتدى؟