دعوة للإنضمام لأسرتنا
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لشبكة همس الشوق أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا .. لذا نرجوا منك ملئ النموذج التالي من فضلك

اسم العضو
كلمة السر تأكيد كلمة السر البريد الإلكتروني تأكيد البريد الإلكتروني

تاريخ الميلاد:    
هل انت موافق على قوانين المنتدى؟

 غير مسجل  : بصفتك أحد ركائز المنتدى وأعضائه الفاعلين ، يسر الإدارة أن تتقدم لك بالشكر الجزيل على جهودك الرائعه .. وتأمل منك فضلاً لا أمراً المشاركة في أغلب الأقسام وتشجيع كافة الأعضاء بالردود عليهم والتفاعل معهم بقدر المستطاع . ( بكم نرتقي . غير مسجل  . وبكم نتطور ) همس الشوق

اخي الزائر لديك رسالة خاصة من شبكة همس الشوق للقراءة ! اضغط هنا !

العودة   شبكة همس الشوق > همس للاقسام الأدبيه > همس للقصص وحكايات وروايات
نسيت كلمة المرور اضغط هنا التسجيل
التسجيل التعليمـــات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

همس للقصص وحكايات وروايات خاص بشتى انواع القصص الواقعيه والخياليه

-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
بيانات ناطق العبيدي
اللقب
المشاركات 5997
النقاط 5236
بيانات همس الشوق
اللقب
المشاركات 7796
النقاط 16814

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
\r\n\r\n\r\n
\r\n \r\n
\r\n ملاحظة هامة \r\n لقراء الموضوع\r\n ♥ غير مسجل ♥\r\n
\r\n قبل قراءتك للموضوع نود إبلاغك بأنه قد يحتوي الموضوع على \r\n عبارات او صور لا تناسب البعض
\r\n فإن كنت من الأعضاء التي لا تعجبهم هذه المواضيع .. وتستاء من \r\n قرائتها .. فنقدم لك
\r\n باسم إدارة الشبكة وكاتب الموضوع .. الأسف الشديد .. ونتمنى \r\n منك عدم قراءة الموضوع
\r\n وفي حال قرائتك للموضوع .. نتمنى منك ان رغبت بكتابة رد
\r\n أن تبتعد بردودك عن السخرية والشتائم .. \r\n فهذا قد يعرضك للطرد أو لحذف مشاركتك
\r\n إدارة شبكة ( همس الشوق )
\r\n
\r\n

\r\n 

\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n
\r\n\r\n\r\n\r\n
\r\n
\r\n\r\n
\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n

\n

\nالجزء ( 45 )
\n
\n
\n
\n
\n- قبل بُضع ساعاتْ -
\n
\nصلَّتْ ركعتيّ الضحى و بقيتْ واقفة أفكارُها مُتشابكة في بعضها البعض ، تُفكر بأن لا تحضر حفل زفاف أخيها و لكن لِمَ تُخطط بأن تُحبط كل غيمة فرَح تُريد أن تُبللها ! لِمَ دائِمًا لا أترُك الغيم يمُر على قلبي بسلام ، لِم أجعله يتكدَس ويخنقني ؟
\nمهما حدث من حقي أن أحيا حياة كريمة تُخاطبني بالسعادة فقط. كل تلك الأشياء التي تُحزني ستجِد طريقها يومًا للفرح و سأبقى أراقبها. أنتهى وقتُ الترقب و المراقبة يجب أن أُمارس حقي بالفرح كما أُمارسه إذلالا بالحُزن. يجب أن أعيش.
\nمثل ما أوصانِي ربُ الخلائق في كتابه ، يجب أن أصبُر و أن لا أدع الحُزن يُضعفنِي ، لو كانت إحدى الصحابيات رضوان الله عليهن في حياتنا الآن ؟ لو كانت تواجه صعوبة مثل ما أواجه أنا ؟ هل ستنزوي في دارِها و تبكِي تنتظِرُ الفرج من أحدِ الخلق !!
\nيالله يا أنا ، لا أعرف من أين أبدأ او من أين أنتصِف ، أذكُر جيدًا ما قالتهُ ليْ أستاذة الدين في الثالث ثانوِي و صوتُها المتحشرج في تلك الأيام.
\n" أمام الطالبَـاتِ الواعيـات وَ المُرهقات إثر آخر سنَـةٍ لهُن ، أردفَت بصوتٍ تحفُه الطمأنينة : عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء ، إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه ، إلا الجنة .... مدركين رحمة الله في عباده ؟ .. إذا مات أخوك ولا أبوك ولا أيّ شخص غالي في حياتِك و صبرتِي وأستغفرتي الله يجزيك بالجنة .. فيه أكثر من كذا رحمة ؟ .. يقول الله تعالى ابن آدم ! إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى ؛ لم أرض لك ثوابا دون الجنة ... شايفين أجر الصبر كيف عظيم ؟ ليه دايم نبكِي ونمتنع عن الأكل ونعتزل الناس وفيه بعضهم يقطعون رحمهم بحجة أنهم في مصيبة !! يجلسون سنين على هالحال و كأن الحياة وقفت على ما فقدُوا !! إن من يُشقي نفسه ويمتنع عن الصبر سيشقيه الله في الدنيا والآخرة ... "
\nتذكر يا قلبِي جزاء الصبر ، تذكَّر الجنة ، من يحفظ الله يحفظه .. من يحفظ الله يا قلبي يحفظه.
\nوقفت أمام المرآة ، تتجاهل كل ما يأتي بأمرِ " سلطان " ، نظرت لكفيْها .. هذا الحرق لن يذهب بسهولة كما أنَّ حُزني من سلطان لن يُمحى بذاتِ السهولة ، ستندَم يا سلطان على " قلبي " و سأندم على أملِي الضائع بك ، كل تلك الأشياء التي ندمت عليها يومًا كانت ولادة ضيِّقــة لخيباتِي في الحياة.
\nرطبَّت ملامِحها منذُ فترة طويلة لم تعتني بنفسها " إعتناءً أنثويًا " ، أستغرقت دقائق طويلة في وضعها لمساحيق التجميل الناعمة. لم تكُن تحتاج للكثير لتُبرز جمالها النقي أكتفت بتوزيع كريم الأساس ذو لونٍ طبيعي و غطَّت هالاتِها المتعريـة بالـ " كونسلر " لتضع الكحل على طريقةٍ فرنسـية بحتَة فوق عينيْها مُمتد بذيلٍ قصير للخارج ، تخشَى التمرُد دائِمًا حتى في وضعِها للكحل ، رفعت شعرها الطويل بطريقةٍ رُومانيـة ، أتجهت للجُزء الآخر من الغرفة الذي يُجاور الحمام حيثُ دواليب ملابسهم التي تُخبىء تفاصيلٌ كثيرة لا تستنطِقها الألسن.
\nوقفت و هي لا تعرف ماذا ترتدي ! كُثر تلك الفساتين التي لم ترتديها أمامه ، أو ربما لم تحظى بزواجٍ بتفاصيله الشيقة حتى تُفكر بإرتدائهن.
\nأرتدت تنُورة تضيقُ عليها ، ألتفتت حول نفسها و أرمقت جسدِها بالإشمئزاز من أن تخرُج امامهم بهذا المنظر رُغم أنَّ التنورة ليست بذاك السُوء و لكِن شعُورها بالعريْ قادَها لِأَن تنزعه ، مُذ سبع سنوات و أنا أرَى الإتساعُ بكل شيءٍ " رحمـَـة لنفسي " .
\nأخذَت فُستانٌ قُرمزي. لا تعلم أيُّ نزعةٍ أنثوية أصابتها لتتباهَى بجمالها هكذا ! أو شعُورها بأنها تُريد أن تبرهن لأحدِهم أن الحياة لا تقف عليه أو أنه تحدي لذاتها بأنَّه يجب عليها الصمُود و التمسُك بكل فرحةٍ تأتيتها وتتمسكُ بما قاله الله في كتابه.
\nنزَلت للعمَّة ، أرتاحت قليلا من فكرة عدم وجود سلطان في الصباح الباكر ، أبتسمت أمام إطراءاتِ حصَّة المُرحبـة بها.
\nحصة : ماشاء الله تبارك الرحمن وين مخبية هالزين كله
\nالجُوهرة بإبتسامة خففت وطأةُ حزنها : بعض من زينك
\n
\n،
\nأغفِر ليْ ذنب بُكائِي يالله جهلاً و تفاهةً على من لايستحقُ إختناق الملحُ في محاجري ، أغفر لي يالله على هذا الحُب ، أأطلبُ الغفران مِن عقلي الذِي مرضَ بك تفكيرًا أم من قلبي المُثقل بتفاصيلك ؟ أجهِض يالله هذا الحُب من رُحمِ حياتِي.
\nأبعد ملامِحها المتورِمَة بالبُكاء ، أردَفْ بإبتسامةٍ حانية و وجهها بين كفيِّه : وش سويت ؟
\nرتيل أخفضت نظرها لا ردَّ لديْها ، حاقِدة و لكن لا تعرف كيف تحتاجه رُغم كل هذا ، لا نيَّـة لديْها بإخباره. كل الأشياء السيئة و الخبيثة تنهالُ على عقلها ، لم تكُن سيئة إلى هذا الحد كشعُورها اليوم ، لن تنسى تلك الليلة التي صُفعت بها من عبير و نهب عبدالعزيز غُصنها الذي تتوكئ عليه. لن تنسَى كُل هذا بسهولة ، والله يا عزيز لوعدٍ على نفسِي أن أُشبعك قهرًا مثل ما أشبعتنِي ، والله يا عزيز إن أرخصنِي والدي لا أردُّ هذه الكرامة بنفسي أنا وحدِي ، والله و بالله و تالله يا عزيز لأجعلك تندَم بكل حواسِك على هذا الزواج و أُعلمِك كيف الندَم الحقيقي عليّ ؟ عسى الله يبتليني بكُلِ ما أكره إن حاولت مرَّة أن أغفرُ لك ، يا ليتك ياعزيز تعرفُ شعور الإناث أمام من يستاهل بحُبهن ، ليتك تعرفُ بكيدِ النساء الذِي سيُصيبك بإذن من أوقع الحُب في قلبي ، ليتَك تعرفُ كيف الحقد يتشبعُ بقلبِ الأنثى إن كرهتْ ، و منذُ اليوم لن أقُول " ليتـك " بل ستُجربه و أنا عند وعدِي و لن يردُني أحدًا و إن كان أبِي يحميك فأنا قادِرة بإذنه و ويلُ الرجالِ قبيلةً من حقدِ أمرأة.
\nضي وقفت : يالله عبدالرحمن خلنا نتركها شوي ترتاح و أكيد بتنزل ؟ صح رتول ؟
\nرتيل و تصادُم الأسطِر تُضبب عليها قراءة أيامُها المُقبلة ، أردفت بإبتسامة أتقنت تمثيلها : بتروَّش وأتنشط و أنزل
\nعبدالرحمن : ننتظرك لا تتأخرين ، و أنتبهي لجرحك ... ونزَل برفقةِ ضي إلى الآسفل.
\nضي وهي تسيرُ بجانبه : وش صار مع عبير ؟
\nعبدالرحمن : صاير لها شي وماهي راضية تقول ؟ ماهي بنتي اللي أعرفها ! متغيرة 180 درجة ، لو هي فعلا متضايقة من تصرفاتي عشانهم كان قالت لي من زمان بس انا متأكد مليون بالمية انه فيه شي وراها مخليها تحط تربيتي لهم حجة
\nضي : وش يعني بيكون وراها !! تلقاها متضايقة ومحتاجة تفضفض وعشان كذا ترمي عليك هالحكي
\nعبدالرحمن : عبير إن كانت متضايقة ما تبيِّن لأحد بس الحين تبيِّن !! أكيد فيه سبب وراها يخليها تنفجر بهالصورة
\nضي أبتسمت : ماتوقعتك شكاك كذا
\nعبدالرحمن جلس بتعب : ماني شكاك بس بنتي واعرفها ! رتيل لو تقول كل الألفاظ الشينة بوجهي بقول متضايقة وجالسة تفرغ وبتركها لكن عبير مستحييل الا اذا كان فيه شي بحياتها ما أدري عنه
\nضي : أنا أقول لا توسوس كثير وهي بروحها تعبانة و إذا شكيت فيها بتنقهر زيادة وتتعب ، خلها ترتاح شوي بدون لا نضغط عليها وهي من نفسها بتجيك
\nعبدالرحمن بعد صمت لثواني طويلة أردف بإقتناع : شورك وهداية الله
\n
\n،
\n
\nعلى طرفِ سريره جالِسْ و عيناه تحكِي اللهفـة و تفاصيلُ البراءة و رائـحة الزهر المُعانق بشرةٍ ناعـمة ستأتي بعُرسٍ في قلبه ، أقتحمهُ العبير من كُل جانب ، أردف : مافهمت !!
\nمُهرة بربكـة بحثت عن موضوعٍ آخر تهرُبًا : كيف عيدكم ؟
\nيوسف : عادي
\nمُهرة بشك و قد أخذتها العفوية في مُحادثته : معقولة ! اكيد راح تطلع مع ربعك تسهرون وكذا
\nيُوسف بضحكة : كل ربعي بيسهرون مع حريمهم
\nمُهرة : هههههههههههههههه عيش حياة العزوبية من جديد
\nيُوسف : وانا قلت لأ ؟
\nمُهرة جلست على الطاولة التي يُغطيها بعضُ ذراتِ التُراب بعد أن طال وقوفها في مُنتصف الصالة الخاوية و تكوَّرت حول صمتِها مرةً أُخرى . .
\nيُوسف : الحين ماهو لازم مراجعات عند دكتُورة .. يعني تراجعين معها الحمل وكذا ؟
\nمُهرة : بس أفضى اشوف لي وقت أحجز فيه موعد
\nيُوسف بجديَّة : بس تفضين ؟
\nمُهرة التي لا تجِد ما يُشغلها في حائل : إيه عندي أشياء أهم
\nيُوسف عاد لرحمِ صمته ، يختنق أو رُبما يُكابِر ، رقَد الصبرُ به حتى جاهد نفسه بأن لا يتلفظُ عليها بكلمةٍ تجرحها.
\nمُهرة لا تعرف كيف التناقضات في مُكالمته تجتمع. تشعُر بالخيانة لأخيها وهذا بحدِ ذاته شعور مُشين ولكن لا تنكُر بأنها أول مُكالمةٍ نقيـة خالية من شوائِب الحقد و الكُره و الكلمات السيئة.
\nمُهرة بهدُوء : اليوم بشوف لي عيادة زينة
\nيُوسف ولا تخمُد براكينه الغاضبة ، مازال مُلتزم الصمت و انفاسه العالية تكشفُ غضبه.
\nمُهرة : تآمر على شي ؟
\nيُوسف ببرود : بحفظ الرحمن . . وأغلقهُ قبل أن يسمَع ردِّها.
\n
\n،
\n
\nفي الساعاتِ الاولى من نهارِ العيد الطويل و المُفعم بالفرحَة المُتغنِجة كيف ولا ؟ وهذا عيدُ المُسلمين حيثُ تضخُّ بلادِنـا بـ " ضحكة "
\nحضُورها بتر كلماتِه و رأسُه في حُضنِ عمتـه الجميلـة ، أسبق و قُلت أن عمتِي مُرادف لكل الأشياء الحميمية " عمتِي و خالتي و أبي و أمي و أختي و أخي و . . أيضًا زوجتي " ،
\nلا تعرف لماذا أرادت أن تجرحه بأي طريقةِ كانت حتى لو كان هذا الأمر يُحزنها مثل أن تجعله يندم عليها و كأنها سلعة تردد في شراءها.
\nحصَة دفعته ليجلس : أجلس زي الناس ..... تعالي الجوهرة أجلسي هنا .. أشارت لها بجانب سلطان.
\nالجُوهرة طوال ليلها تدعي بهذه اللحظة التي تُبقيها مُتزنة أمامه ، أردفت بإبتسامة : تقهويتوا ؟
\nحصة الرقيقة أرادت أن ترتكب الصُدف بينهما : سلطان ماتقهوى
\nسلطان المُشتت انظاره ولم ينظر إليْها إلا النظرةِ الأولى ، ألتفت على عمته : متقهوي وخالص
\nالجوهرة أخذت فنجان وملأت ربعِه لتمدُّه إليه ، ثواني طويلة أمام أنظار حصة المُراقبة و قلبُ الجوهرة الذي يكاد يقتلع من صدرها ، خشيْت أن ترتبك أكثر وتنزفُ دماءها.
\nأخَذ سلطان الفنجان ، و حصة رسمت إبتسامة إنتصار على مُحياها.
\nسلطان بحديثه لعمته يتجاهل وجود الجوهرة تماما : وين العنود ؟
\nحصة : راحت لعماتها مجتمعين
\nالجُوهرة تنظُر إليْه بعينٍ - تغار - ، لِمَ السؤال عنها ؟ لِمَ كُل هذا الإهتمام !! ليست سعاد وحدها من لها ماضٍ مع سلطان. حياتُك يا سلطان تبدأ من النساء و تنتهي منهنُ و رُغمًا عنك يجب أن تقتنع بذلك.
\nحصة بعد صمتٍ طال أرادت أن تذهب وتتركهُما ولكن تثق في الجدار الذي بجانبها أنه سيذهب أيضًا ولن تنجَح مسألة إختلاءهما في بعض.
\nسلطان يُحرك خرزاتِ المسبحَة غير مُبالي تماما بالكائن الجميل الذي يُقابله في الجهةِ الأخرى.
\nحصة : سلطان يقول ماشاء الله حافظة القرآن
\nالجوهرة : ايه الحمدلله قبل زواجي بفترة قصيرة ختمته
\nحصة بتأليفٍ مُتقن : وقتها كان سلطان بس يسولف عنك
\nسلطان و هادئ جدا يستمع لخُرافات حصة بسلاسة و شبه إبتسامة تطفو على مُحياه و عيناه مازالت على المسبحة.
\nحصة : كان والله ودنا نحضر بس كانت العنود عندها اختبارات ومقدرت اخليها لحالها و لأن بعد سلطان قالي الزواج صار بسرعة يعني ما أمدانا حتى .. عاد ما ألومه يوم أستعجل
\nالجُوهرة بدَت الحُمرة تغزي ملامحها البيضاء.
\nسلطان عض شفتِه السُفلية مُمسكًا ضحكتِه ، أردف بهدُوء : أستعجلنا عشان شغلي
\nالجوهرة وقفت بتأخذ فنجان حصَّة ، سكبت لها القليل و من ثُم أتت لسلطان ، بقُربها منه مرة ثانية شعرت بالغثيان ، دقاتِ قلبها لا تنتظِم و تشعُر كأنهُ ينظر إليها بعينه المُحمرة الغاضبة.
\nتوترت كثيرًا و هي تسكبُ له ، مدَّت يدها و بمُجرد ما لامست أصابعه يدِها حتى سقط الفنجانُ أرضًا.
\nحصة : بسم الله عليك ، ... خليه عنك تجي عإاايشــة . .. عـــــــــــــــــــــــــــــايـــــــــــــــــش ة
\nالجوهرة بربكة : آسفة ..
\nبمجردِ وقوفها من إنحناءِها على قطعِ الزُجاج بدأ أنفُها بالبكاء دماءً كالعادة ، يُشاركها الحُزن و الخوف والغضب و التوتِر ، أنفُها يُشاركها كل الأشياء السيئـة و عيناها تعتصِرُ بالتناقض بين الفرَح و الحُزن.
\nحصة بدهشة و هي التي لم تعتاد على هذا المنظر ، أردفت بخوف : وش فيييك ؟
\nالجوهرة أخذت منديلٌ لتنسحب نحو المغاسل.
\nسلطان ببرودٍ تام : هي اذا خافت نزف خشمها
\nحصة بغضب : وانت جالس !!
\nسلطان تنهَّد : تعودي انك بتشوفينها كذا كثير
\nحصة : البنت تنزف وتقول تعودي ! ودَّها المستشفى على الأقل
\nسلطان بحدة : حصة وش فيك ! قلت لك من يومها صغيرة وهي كذا اذا خافت تنزف
\nحصة : وليه تخاف إن شاء الله !! لا يكون مسوي لها شي ؟
\nسلطان تنهَّد بضيق : استغفر الله العلي العظيم
\nوأتجه للمغاسل ، مُجرد ما أنتبهت لظله مسحت دمُوعها التي أوشكت على النزول.
\nسلطان : وقف ؟
\nالجوهرة لم ترُد عليه ، وقف خلفها تمامًا و جمَّدها في مكانِها وهو يغرزُ أصابعه في خصرها و يردف بحدة : لما أسألك تجاوبين
\nالجوهرة تنظرُ إليه من المرآة ، بقيت تُصارع ألمها ولا تُصدِر صوتًا ، . . تُجاهد أن تبقى قوية. عيناها تلتقِي بعينيْه الحاقِدة التي أصبحت تجزُم بأنَّ الحجار تُعشعش به.
\nسلطان أخذ منديلٌ أبيض ليُبلله بمياهٍ دافئة ، مسكها من كتفيْها و جعلها تُقابله ، قرب المنديل من أنفِها و رائحةُ العود تنبثقُ من ذراعه الممتدة حولها و أنفاسه تُخالط أنفاسها. و حواراتٍ من نوعٍ قلبِي يحدُث بينهُما الآن.
\nعقدت حاجبيْها و كأنَّ هذه العُقدة ستحميها من الدمُوع ، هي ثواني ، واحِد ، إثنين ، ثلاث ، أربع .. و نزلت كُراتِ الملح الرقيقة على خدها مُتدحرِجة على يدِ سلطان.
\nصدّ وهو يرمي المنديل المُحمَّر في الزُبالة ،
\nو قوةِ الجُوهرة تخونها ، مرَّت بجانبه و رائِحة عطره تخلُ في توازنها ، قد أملكُ الحصانة نحو كُل شيء إلا رائِحته.
\nعلى بُعد خطواتِ قصيرة ، عائشة : أنا شنو يسوي ماما ؟ انا ما يأرف *يعرف* شي
\nحصة نظرت للجوهرة و تجاهلت عائشة التي تُثير الهوامش ، أقتربت منها : عساك بخير يمه ؟
\nالجوهرة صمتت ، هي تعلم إن تكلمت ستنهار بالبُكاء.
\nسلطان من خلفها : ماتبين تروحين لعمك عبدالرحمن ؟ اهلك كلهم بيجون هناك
\nيالله يا سلطان ما أوجعُ مرورك على قلبي الآن ؟ تسألني بكل برود لتُثير حرارة قلبِي و مرضِه الخامد في زاويـته ، يتسابقون بأسئلتهُم و هُم يدركون بأني على حافةِ إنهيار. ، لن أخضع لقلبي بعد الآن ، خضعت لك 7 سنين و شطرتني في المُنتصف ولن أجعلك تشطرُ بقايايْ يكفيني يا قلبِي أن تُشاركني حُزني ولا تُقرر عني.
\nحصة و تغرقُ في عيناها المُتحدِثة ، أقتربت منها أكثر لتمسح ملامحها بكفِها الدافئ ، لمسةٌ حانية واحِدة كفيلة بغرق الجوهرة في بُكائها.
\nحضنتها و كانت ردةُ فعل البائِسـة مُوجِعة لصدرِ العمـة القلقة ، تمسكت بجسدِها التي تُغلفه رائحة الأمومة.
\nأتجه سلطان لمكانه مُردِفًا : كان ناقصنا دلع !!!
\nجمَّدت أعصابُ الجوهرة حول جسدِ عمته الحاني ، " دلع !!! " أنا تافهة جدًا عندما أبكي منك و تافهة أكثر عندما أُعلق أملاً بك ، قليلٌ من الإحساس يا من كان يجب أن ألفظُه سلطاني ، فقط القليل الذي يُشعرني أنَّك إنسان رُغم كل قساوتِك ، ما أثقلك على قلبي الذي باتت جُدارنه تتصدَّعُ منك.
\n
\n
\nرمى نفسه بجانب صديقه ، على سريرٍ عريض و وثير يتسع لتخبئةِ الأحزان المُتثاقلة على ظهرك. ناصر بتعب : جايني أرق ماني قادر أنام صار لي يومين انام ساعة و أصحى وهذي حالتي
\nعبدالعزيز بإبتسامة طاهرة مُغمض عينيْه : تذكر السنة اللي فاتت وش كنا نسوي ؟
\nناصر ضحك بخفُوت ليُردف : علينا تصرفات المراهقين ما يسوونها
\nعبدالعزيز ومازال مُغمض العين يعيشُ الحلم بكافة تفاصيله ، عض شفتِه السُفلية بشغف : كان متعة والله ضربنا لبعض
\nناصر بإبتسامة محَت كُل تعب الطائرة : خذيت منك كفوف والله كانت إيدك حجر أعوذ بالله
\nعبدالعزيز : و أبوي ماقصَّر فيني رجع لك حقك
\nناصِر أنفجر ضحكًا وهو يتذكَر شكل عبدالعزيز وبين ضحكاته : أبوك عليه تعذيب نفسي يخليك تعض الأرض
\nعبدالعزيز أبتسم : تذكر يوم يعلق العلب فوق رآسنا ويقول بشوف توازنكم قسم بالله قمت أستشهد من الخوف
\nناصر : أي تستشهد قمت تترجاه !! " يُقلد صوته " تكفىى يبه هذا سلاح أخاف الشيطان يدخل وأموت ... تكفىى يبه توني بأول العمر
\nعبدالعزيز : ههههههههههههههههههههههههههههههه الله يرحمه ويغفرله .... وبصوتٍ خافت .. أشتقت له ، كنت أحسب لأفعالي ألف حساب لأني داري أنه ورايْ ماكنت أخاف أغلط لأني عارف أنه في أحد وراي بيصلح الخطأ
\nناصر : الله يرحمه يارب ... والله أشتقت له كثير .. أشتقت حتى لهواشه ليْ ..... مدري كيف كان عصبي ورحوم بنفس الوقت .. كل الصفات الحلوة فيه
\nعبدالعزيز بعينٍ مُتلهفة لأحاديثٍ عنهم علَّ أطيافهم تُشاركه العيد : أول مرة هاوشك فيها وزعلت ماكنت متعوِّد على أسلوبه و باس رآسك وقالك " يُقلد صوت والده بحُبٍ عظيم " ما بين الأبو و ولده زعل
\nناصر تحشرجت دمُوعِه لذكرى والِد عبدالعزيز ، أبتسم و عيناه تتضبب برؤيتها : ما أظن غادة بروحها اللي أشتقت لها
\nعبدالعزيز فتح عيناه ينظرُ للسقف الشبه مُعتم كقلبه الذي يحتفظ ببعضِ الضوء من ذكراهم ،
\n
\n،
\n
\nيرنُ في إذنــه وصفِ والدته لها ، جديًـا لا يُفكِر كثيرًا بزاوجه الذِي يضطرب بالعدِ التنازلي ، و لا يُفكِر كيف التعارف سيكُون بينهُما ؟ أو حتى كيف يتخيَّلها . . لم يُطالب بالرؤية الشرعية و لم يطمَح من الأساس بأن يراها.
\nفي الطريق المؤدي للرياض خلف سيارةِ والده ، على جنباتِ طريقٍ يفيضُ بالجفاف كجفافِ شُباكِ قلبه الذِي لن يُغرِي حمامةٍ مثل ريم بأن تقِف عليه ، تنهَّد و قلبي يُعيد إستماعه " بصوتٍ به من اللهفةِ لهذا الزواج الكثير ، أردفت : طولها كذا يعني تقريبا أقصر من أفنان بشوي ، و ضعفها حلو ماهو ضعف المرض لا ضعف يعجبك .. و لا الخصر قل أعوذ برب الفلق وش زينها يوم شفتها آخر مرة بالفستان و طالع جسمها ماشاء الله تبارك الرحمن .. أنا لمحت أخوها الكبير مرَّة على ماظنتي منصور .. فيها شبه كبير منه بس هي أزين بعد .. ما أقول إلا الله يهنيكم ويرزقكم الذرية الصالحة "
\nهذا الوصف و تلك الكلماتِ تُشبه ما قالته والدته في مُنــى ، يُذكِر تلك الليلة البائســة و ضحكاتِهن الحقيرة ، حتى الجُوهرة كانت تعلم و لكِن لم تقُل لي و لا أُلام على كُرهك يالجوهرة !
\n( بخطواتٍ خافتة يصعد لينجذب نحو أصواتِهن ، و مُنى بسُخرية : ههههههههههههههههههه إيه ماشاء الله معذبة قلوبهم كلهم ، علقت عليها الجُوهرة بذاتِ السُخرية " قولي بعد أنك تحبينه " مُنى بضحكةٍ صاخبة أجابت : إيه أحببببه .. هههههههههههههه )
\nزاد بسُرعته و براكينٍه تثور مُجددًا ، و الأفكارُ تأتي بمُنى الآن ـ
\n" ألتفتت عليه وهي تُغلق هاتِفها ، سألها " مين تكلمين ؟ " أجابت " مدرِي مزعجني هالرقم كثير " . . سحب الهاتِف لينظُر للرسائِل الغزليــة . . . . " و أشياء لا يستحق قلبي ذكرها الآن ، بتَــر تفكيره بها و هو يُجدد اللا ولاء لريم.
\n
\n،
\n
\n
\nقبَّل جبينها و كفَّها ليجلس أسفَـل السقف الذِي تتدلَى منه الثُريـا الذهبيــة المُشعة التي تُشبه عينـا مُوضي المُشتاقة ، وبصوتٍ ممتلىء بالحنان : بشرني عنك ؟ وش مسوي ؟
\nفارس : بخير مافيه شي يذكر
\nمُوضي وهي تُخلخل أصابعها في شعرِ فارس القصير : تدري يمه ؟ أشتقت أصبح على وجهك
\nفارس بصمت ينظرُ للفراغ الذي أمامه ، لم يضع عينه في عينِ والدته إلا عند سلامه لها.
\nمُوضي و دمُوعها تخنقُ محاجرها : أشتقت لك كثير
\nفارس و جامِد جدًا ، قلبه يتفتت لفُتاتٍ رقيق يمرُ بحمُوضة بين خلايـا دماءه المالحة.
\nمُوضي بلهفـة : سولف لي عن أخبارك ، 7 شهور ماشفتِك .. أبي أعرف وش صار فيها !
\nفارس بهدُوء وعيناه على دلـةِ القهوة : أنام آكل أقرأ أرسم .. بس
\nمُوضي بقهر الأم : ليه تكلمني بهالطريقة كأنك ماتعرفني ؟ أنا أمك لا تسوي فيني كذا
\nفارس تنهَّـد : آسف
\nمُوضي بإعتذاره نزلت دمُوعها بلا مُقدمات ، وضعت كفَّها على كفِ إبنها الأسمَر : أبي أحس أنك قريب مني ، تدري يا فارس أني أحتاج لك كثيير
\nفارس ألتفت عليْها و عيناه في عينيْها ، عقَد حاجبيْه وجعًا و سحبها لحُضنه ليُعانقها و يستنشقُ الأمومة الضائعة منه ، دفءٌ يُهدأ ضجيجُ البرودة الذي يحفُه ، لِمَ دائِمًا أفشَل في قولِ ما في قلبي ؟ لِمَ دائِمًا أُعاند قلبي و أقُول شيئًا مُختلفًا لأجرح من حولي !
\nتعلمين جيدًا يا أُمي أني ، أفتقدُك كما أشعُر بفُقدي لجنةِ الدُنيــا بين كفيِّك.
\n
\n،
\n
\nعلى طُرقِ باريس العتيـقة مشيـَا و شمسٌ خجولة تطُل دقائِق و تختفِي تحت خمارِ السُحب ، أدخَلت أفنان كفيْها في جيُوبِ معطفها : برررد
\nسُميــة تنظرُ لِمَ حولها :أتوقع هنا المكان ...
\nأفنان : ترى إذا فيه أشياء مااش ماعجبتني راح نطلع
\nسُمية :أكيد إذا فيه شرب وحركات قلة أدب على طول نطلع
\nأفنان : طيِب ..... و بهدُوء دخلتا الممر الضيِق ليواجها مدخلاً مُزيَّن بجدائِل الزهر الريفيــة ، أفنان بضحكة : شوفي الورد وش زينه يمدينا نسرقه !
\nسُمية : مدري من وين يجيبونه مررة يجنن ! بس هنا مايبيعون الا المخيِّس
\nأفنان و سُميـة توزَّعت أنظارهِن حول المكان المُزيَّن بالطاولاتِ المُستديرة و المقاعِد التي تُشبــه مقاعِد النوادِي الليلية ، كان اللون العنابِي و الذهبِي يطغى على المكان و نقشاتُ الجُدران تُشبـِه التُراث النجدِي.
\nو الضحكات تصخب في كُل مجموعةٍ جالِســة و المُوسيقى تنهال من كُل صوب.
\nأفنان همست : خلينا نطلع !! بيجلسون ينطربون الحين ويرقصون !!
\nسُميــة : إلا وناسة بس تعالي نتفرج ونتطمش .. محنا مسوين شي إحنا
\nأفنان : يمه أشكالهم تخوف ماكأنهم مسلمين
\nسمية بجدية : أفنان ياكثر وسوستك إلا مسلمين شوفي هالوجيه السمحة بس !!.. سحبتها وجلستـا في إحدى المقاعد المنزويـة بالأخير حيثُ مكان إستراتيجي لسُميـة في التأملُ بملامِح الضيُوف.
\nأفنان : الحين حقين " كَــان " بيجون ؟ يعني أستاذ نواف وكذا ؟
\nسُمية : مدري والله بس أتوقع يمكن
\nأفنان أمالت فمها : ماهو حلوة يشوفنا كذا
\nسمية بحماس : شوفي ذيك بس ..
\n
\n،
\n
\nغرقَت في ضحكتِها وهي تُغسِل كفاهَــا ، بعضُ من نجد يلتصق بها الآن و الرائِحـة العذبـة تكشف عن إشتياقها ، أردفت : حلوو ؟
\nوليد و هو ينظِر لنقشِ ظاهِر كفَّها و بإبتسامة : مع أني ماأحب هالأشياء بس حلو عليك
\nرُؤى أبتسمت للإمرأة السوادنيـة العذبـة و شكرتها لتتبع وليد.
\nولِيد أبتسم و سحب قُبــعةِ القش ليضعها على رأسِ رُؤى و أكملا سيرهُما على الشاطىء و الجو يتكاثف على نغمةِ العيد.
\nأردف : ما توقعت فيه عرب هنا !
\nرؤى : يازينها بس .. والله ودي آخذ رقمها
\nوليد ضحك ليُردف : خليك واقفة هناا
\nرؤى بشغف : فيه مفآجآة بعد ؟
\nوليد : وش قلنا ؟ الأقدار مكتوبة و ماله داعي نفكِر بالمستقبل .. لازم نضحك ونعيش يومنا و نتفاجىء بعد
\nرؤى بإبتسامة حُب و حماس طفُولي : طيب .. وش بعد ؟
\nوليد : شايفة الشي اللي هناك .. أشار لها بيدِها ،
\nرؤى شهقت : لآلآ مستحيل قول أننا بنركبه
\nوليد : هههههههههههههههههههه رحلة على شواطىء باريس وش رايك بس ؟
\nرؤى ضحكت بفرحة كبيرة : يالله وليد ... وين ألقى مثلك ؟
\nوليد أبتسم : ترى بنتأخر على الرحلة لأن معانا ناس ثانيين .. ماحبيت نحجز بروحنا .. يعني عارفة الوضع
\nرؤى بإمتنان : مو بس وين ألقى مثلك ؟ إلا وين ألقى شخص يخاف علي حتى من نفسه
\nأتجهـا نحو الباخِرة العريضـة كانت تحوِي على أُناس يتحدثون الفرنسيـة المُتغنجة بألسنتهم ، صعدَا للأعلى حيثُ لا أحد ، رؤى تقِف و الهواء يعبثُ بها ، بنظرَة ساحِرة لعُرضِ البحـر : أحس بسعادة ما تنوصف
\nيشطرُ بصرها ضحكةٌ لرجُلٍ لا ترى ملامِحه يعتلي صوته بجانبِ آخر : وي آر إن باغييس .. We are in paris
\nيُكمل عنه الآخر : و تخرجـــــــــــــــنا و رفعنا الراس
\nو رمُوا أجسادِهم من الباخِرة في البحر وسط صخب ضحكاتهم و فرحتِهم ،
\nألتفتت على وليد و أصابعها تتمسك بحواجِز الحديد : أحس هالمنطقة قد شفتها !!
\n
\n،
\n
\nعلى مكتبــه يُطفئ سيجارتِه ، في كفِه الهاتف : أنتظر بعد .. أنا كلمت صالح و هو قالي فترة و بعدها نتفق بموسكو ...... لا وش فيك ؟ .... لآ أكيد مستحيل أنا أثق فيه كثير .... هو مشغول الحين يقول أضبط الأمور وماأعرف أيش أنا مخليه براحته لأن داري راح يرضيني بالنتيجة ...... هههههههههههه لا في هذي تطمَّن أقولك واثق فيه ....... مُستحيل قولي ليه ... مدري عنه يقولون متزوج بنته .. ما عليّ منه أنا قبل كنت أفكِر بولد سلطان أنه ممكن يفيدنا بس طلع متزوج بنته وين يفيدنا فيه بعد !! ... هههههههههههههههههههههه والله عاد هالعبدالرحمن أنا ماأفهم تركيبته ..... خل يحشر بناته ولا يذبحهم ما عليّ منه .. المهم شف لي الحجوزات أبيك تتأكد و تراجع لي شروط العقد أخاف يشوفون لهم ثغرة زي العادة ويقلبون الموضوع علينا ..... إيه أنا معتمد عليك في الأمور القانونية ..... لا بنتظر لين تجيني الجنسية الفرنسية عشان كِذا أكون تحت حماية الحكومة الفرنسية ... إيه طبعًا ... ههههههههههههههههه مو بس يآكل تراب إلا بيتبخَر هو و الثاني سلطان ....
\n
\n،
\n
\nأرتدَت فُستَـان إلى رُكبتِها ذو لونٍ أسوَد ، أعتادت على ألوانٍ تجعلها بعُمرٍ أصغَر أما هذه المرة أرادت أن تخرجُ بلونٍ كئيب أو رُبما لونٌ يُبرهن صخبِ أنوثتها . . أرادت أن تكشِف نوايـاها في ردائها.
\nتركت شعرها البُندقي مموَّجُ بخفُوت على كتفِها و الشاش الأبيض مازال يلفُ منتصف رأسها و يُمسك شعرها من فوق ليظهر أكثر ترتيبًا ، تركت أحمرٌ صارخ يتكأ على شفتيْها و الكحلُ الأسوَد يُذِيب شحُوب عينيْها.
\nأرتدت كعبـها الأسوَد و سمعت أصواتِهم ، عمي عبدالمحسن وصَل !! . . ألتفتت لغُرفـة عبير ، أتجهت لها و طرقت الباب ، مرةً وإثنتين وفتحت الباب ، ألتفتت عبير المُستلقية على السرير إليْها.
\nرتيل بهدُوء : ليه جالسة ؟
\nعبير صُعقت من منظرِ الشاش ، فهي لم ترَى رتيل منذُ أمس : وش فيه راسك ؟
\nرتيل : طحت أمس .. طيب أمشي ننزل عمي عبدالمحسن جاء وأكيد جوجو معه وخالتي
\nعبير : لا مالي خلق بنام
\nرتيل تنهَّدت : قومي وشو له تضيقين على نفسك !!
\nعبير بإستغراب من تصرفات رتيل : وش صاير لك اليوم ؟
\nرتيل أبتسمت و الخبثُ يخرج من عينيْها البريئة : ولا شيء بس إذا أحد أزعجك أزعجيه وإذا أذَّاك أذِّيه و إذا قهرك بعد أقهريه ، أما أنه يقهرني وأجلس أكدِر نفسي عشانه !! ليه ؟ وحتى سالفة زواج أبوي خلاص تزوج بجلس أضيق عمري وأبوي مبسوط ؟ لأ .. عيشي حياتك زي ماتبين وأتركيهم عنك واللي يدوس لك بطرف رديها له ..و أحرقـــــيه .. " شدَّت على كلمتها الأخيرة بكُره "
\nعبير رفعت حاجبها : يعني أزعج أبوي لأنه أزعجني ؟
\nرتيل : أبوي حالة أستثنائية بس دامه مبسوط خلاص .. أنا أقول قومي وألبسي ... محد خسران بحزنك هذا غيرك أنتِ .. لا أبوي بيوقف حياته عندِك ولا ضي بتبكي عشانك .. محد يهتم لنفسك غيرك .. أنا بنزل .. وتركتها تُصارع أفكارها المشوشة ، كلمات رتيل تُثير في داخلها الريبة والشك و كل الأمور السيئة.
\nنزلت رتيل لتُسلم على عمَّها و إمرأتِه و الجوهرة ، بسؤال المُشتاق : وين تركي ؟
\nعبدالمحسن بهدُوء : مسافر
\nرتيل : صار لي فترة طويلة ماشفته
\nعبدالرحمن وقف : دام جت رتول أحنا بنمشي
\nعبدالمحسن و خرج مع أخيِه الأصغر ،
\nرتيل بإبتسامة : أفنان متى ترجع ؟
\nالجُوهرة : أتوقع الشهر الجايْ
\nرتيل بعد صمت سقطت عيناها على كفِّ الجُوهرة المُحمَر و المتورِم أيضًا : وش فيها إيدك ؟
\nالجوهرة لمَّت كفوفِها حول بعضها بربكة : بالغلط لما كنت أكوِي
\nرتيل : يوه سلامتك والله
\nالجُوهرة : الله يسلمك
\nرتيل : طيب أفنان يعني ماراح تحضر عرس ريان ؟
\nأم ريان : إلا أكيد بس مالقت حجز الا قبلها بيوم بتكون تعبانة بس الله يعين
\nرتيل : توصل بالسلامة . .
\n
\n،
\n
\nتقيأت كُل ما دخَل بطنها في صباح هذا العيد ، مسكت بطنَها بوجَع ،
\nوالدتها من خلفها : ذي عين ما صلَّت على النبي .. خلنا نروح المستشفى أخاف صاير به شي
\nمُهرة بألم : لأ ماله داعي .. أنا بحجز موعد قريب عشان أراجع الحمل
\nوالدتها : قايلة لتس الجلسة هنيّـا تقصر العُمر
\nمُهرة جلست على سريرها : يممه تكفين لا تضيقين علي بعد !!
\nوالدتها خرجت وهي تتحلطُم : ماتبين تسمعين الكلام أحسن لك بكرا يصير فيك شي وتعالي أبكي عندي
\nمُهرة تنهَدت وأستلقت على ظهرها و يداها على بطنِها الصغير ، تسللت دمعَة يتيمـة على خدِها ، مسحتَها لا تعرف كيف تُفكِر لأيامها المُقبلة أو بأيْ منطق تُفكِر أيضًا ؟
\nأهتز هاتفها على الطاولة ، مدَّت يدها وأخذته لترى رسالة بأسماء عياداتِ النساء و أرقامهُن . . مِن يُوسف ،
\nفي جهةٍ أخرى كان مُستلقي في الصالة الداخليـة و أمامه هيفاء و بجانبه ريم و والدته.
\nوالدته : عزمتهم بكرا
\nريم : بس طبعًا ماراح أطلع لهم وعرسي ما بقى له الا كم يوم
\nوالدتها : إيه أكيد ،
\nيُوسف حك جبينه : وليه ماتطلع لهم ؟ عيب تجي أم رجلها وماتطلع لها !
\nوالدتها : لا ياحبيبي البنت قبل عرسها بفترة ماتطلع قدام أحد
\nيوسف أبتسم بإستخفاف : يالله ثبت العقل بس
\nوالدتها : أنت وش يعرفك !!
\nيُوسف : يمه بلا هبال خليها تطلع بتحكرينها في البيت والله تجيها كآبة
\nوالدتها : لا حول ولا قوة الا بالله .. أقول أنت ماتعرف بهالمواضيع لا تتدخل فيها
\nيوسف بإبتسامة : إيه صح ماأعرف بمواضيع الحريم
\nهيفاء : أنا مستحيل أخلي زواجي كذا
\nيوسف : أنتِ بنزفِّك على خيل ... هههههههههههههههههههههههه أستغفر الله أنا شكلي من كثر ما أتطنز صايرة حياتي دراما
\nهيفاء : أحسن تستاهل .. حقير وش خيل ؟ مراهقة أنا عندِك !!
\nيوسف : وش فيها المراهقة ؟ يقال الحين طالعة من بطن أمك وأنتِ بالجامعة ! الله يرحم أيام اللبس الوسيع هههههههههههههههههههههههههههه
\nهيفاء بصدمة : أناا ؟
\nيوسف : كنتي تحسسيني أنه جسمك مغري وأنتِ قلم رصاص لو أنفخ فيك طرتِي
\nريم : بلا قلة أدب
\nيوسف : وش قلت أنا ؟ قلت الصدق ههههههههههههههههههه لحظة مراهقة ريوم كيف كانت ؟ ... أذكِر فجأة صرتي ماتسلمين علينا أنا ومنصور ... هههههههههههههههههههههه عليكم حركات أنتم يالبنات مدري وش تبي ؟ فجأة تنقلبون علينا إحنا المساكين
\nوالدته : أنت شكلك قاري شي ؟
\nيوسف : يازين اللي تكشفني .. تو أبحث عن عيادات عشان مهُور و قمت أدخل المواضيع هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
\nريم فتحت فمَها بدهشـة و الإحراج يُغطيها ، وقفت وبخطوات سريعة خرجت وعكسها تمامًا هيفاء ضحكَت لتُردف : شايفة يمه قليل حيا مايستحي ..
\nيوسف بضحكة : ماهو ذنبي أنكم مهبل وتكتبون مشاكلكم في النت !! بعرف مين الفاضية ذي تكتب مشكلتها في منتدى !!
\nهيفاء : ماعلينا .. صار إسمها مهور بعد .. يخي لا بغيت تدلع دلِّع بشيء يفتح النفس
\nيوسف : أنا أحب الأسماء بحرف الواو . . لو كان الأمر بإختياري كان تزوجت وحدة إسمها تهاني يازينه بالدلع تخيلي كذا جاي مروق وأناديها تهُون .. الإسم له هيبة
\nهيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههه أشك أنه الإسم كذا من الله
\nيُوسف : لآ والله أنا أحب إسم تهاني من زمان ولو جتني بنت بسميها تهاني .. المعذرة منك يمه أسمحي لي أنتِ وابوي خلوكم على عيال منصور أما أنا بجدد الأسماء
\nوالدته أبعدت نظرها بغرور : مالت عليك وعلى الأسماء اللي بتختارها
\nيوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هه ريلاكس كل هذا عشان إسمك الملكي
\nهيفاء : والله إسم أمي يهبل .. كذا له وقع على النفس جميل ... يعني تخيل بكرا تتزوج بنتك ويناديها زوجها ريانتي .. يالله يالجمال بس
\nيوسف : عز الله ما ناداها ريانتي إذا أبوي أظنه ناسي إسم أمي من كثر ما يقولها يا أم منصور
\nوالدته : أجل تبيه يقول يا ريانة تعالي .. بالعكس هذا تقدير ليْ ومن كبر معزته لي يناديني بإسم عياله
\nيوسف : لآ والله ماهو تقدير طيحوا الميانة وشو له التعقيد
\nوالدته :أقول بس لا تكثِر قراية يبي لك تأديب ...
\nيُوسف أبتسم : أمزح والله مادخلت الا موضوع وحدة كاتبة ... ولا أقول أستغفر الله ماأبغى أتطنز
\nوالدته : متى بتجيب مُهرة ؟
\nيُوسف بهدُوء : خلها ترتاح هناك متى مابغت تتصل هي
\nوالدته : بالله هي تتصل ؟ الأسبوع الجايْ جيبها قبل لا تبدأ جامعتها .. أكيد ماراح تتصل عليك وتقولك تعالي
\n
\n،
\n
\nيصرخُ بحُرقــة و الحزنُ يقتلع عيناه من ملامِحه المُحمَّرة و آثارُ الدماءِ عليها لم تُمسح منذُ يومَان : الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــوهـــــ ـــــــــــــــــــــــــــــرة
\nعلى بُعدِ خطوات للتوَ دخل المزرعـة الكئيبة ، بعُقدة حاجبيْه : عطيتوه أكل ؟
\n: إيه طال عُمرك
\nسلطان تنهَّد و ترك سلاحه الشخصي على الطاولة مُتجِهًا إليْه ، فتَح الباب و في الظُلمـة لا يُرى شيء سوَى دماء تُركي و بُكاءه ، جلس بمُقابلـه و كُل ما ينظِر إليه يزيدُ غضبه و تثُور البراكين الخامدة في داخله ـ أردف بحدةِ صوته : على مين تصرخ ؟
\nتُركي بضُعف ينظر إلى سلطان : أنت ماتحبها !! انا بس اللي أحبها .. أنا بس
\nسلطان و أعصابه التالفة لن تصبُر أكثر ، لكمَه على عينه ليسقُط ويسقط عليه الكُرسي المربوط به و بغضب : يوم أنك تحبها كان خفت عليها !! كان ما أنتهكت حرمات الله !!
\nتُركي بهذيان : أحبهااا .. أحبهاا .. أنت ماتحس .. أقولك أحبها
\nسلطان بغضب وقف ، لا يُريد أن يتهوَّر يحاول أن يضبط أعصابه هذه المرَّة ، يحاول فعليًا أن لا يُجرم بنفسه و يقتله بكل ما أُعطيَ من قوَّة : مريض !! هذي بنت أخوك .. فاهم وش يعني بنت أخوك .. يعني مثلها مثل بنات عبدالرحمن أخوك .... ترضى تنتهك حرمة أخوك وعرضه في بناته !! .. رد علي ترضى .. صرخ به .. قول ترضى !!!! ترضاها على بنات عبدالرحمن ؟
\nتركي : الجوهرة غير
\nسلطان و بمجرد لفظ إسمها سحبه من ياقة قميصه التي تعتليها الغُبار : غير بـــ وشو ؟؟؟؟؟؟؟؟ قولي غيييييييير بإيش !!!
\nتُركي و كأنَّ موتًا بطيئًا يُصيبه ، بصوتٍ يتقطع و تعبٌ ينهشُ بجسدِه : أحبها . . الجوهرة غير .. الجوهرة ليْ .. محد يحبها غيري أنا .. أنا بس ... أناا بس
\nسلطان و بقوتِه الجسدية صفعه على خدِه ليسقط وينكسِر سنُّ تُركي الجانبي ، أردف بغضبِ البراكين : هذي بنت أخووووك !!! بنت أخوووووووووووووك ليه منت راضي تفهم أنها بنت أخوووك !! .. .. لـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـ ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــه ؟
\nتُركي : ماهي بنت أخوي .. هذي حبيبتي
\nسلطان تمتم بجحيم : أستغفرك ربي و أتوب إليه ... أعطاه ظهره وهو ينظرُ للجدَار يحاول بجِد أن يضبطُ أعصابه ، . . يارب أرحمنا .. ألتفت عليه : وش تبيني أسوي فيك ؟ تبيني أقطعك قدامها عشان أعلمك كيف تحبها صح !!
\nتُركي بخفوت : فداها
\nسلطان و بغضب أخذ كُرسيــه ورماه عليْه ، يستفزُ كل خليـة بجسده بكلماتِه الغزليـة المُقرفة له : تبي أخوانك يدرون عنك ؟ تبيني أقولهم ؟ صدقني ماراح يلوموني لو أذبحك !! . . تبي عبدالرحمن يدري ؟ . . . . .
\nأقترب منه وبصرخة : تبيـــــــــــــــه يعرف ؟
\nتُركي وصوتُه يأتي مُتقطعًا خافتًا مُتعبًا : .. ابي الجوهرة . . أبيها
\nسلطان خرج و تركه ، بخطواتٍ غاضبــة حادة أخذ سلاحه و خرج مُتجهًا لبيتِ عبدالرحمن حتى يأخذ الجوهرة ،
\n
\n،
\n
\nنفَرت من رائِـحة العصير لتُردف بتقزز : شكل فيه كحول !!
\nسُميـة ببرود : عصير برتقال عادي
\nأفنان أخذته لتُقربـه من شفتيها ولكن يدٍ أُخرى أبعدته ليسقُط الكأس على الأرض و يتناثِر زُجاجـه . .
\nألتفتت وهي جالـسة على الضخم الذِي أمامها ، بنبرةٍ حادة : هذا خمر !!!
\nأفنان بلعت ريقها وبربكة : قالوا عصير برتقال !
\nنواف بعصبية : وأنتِ أي شي تشربيـنه .. وألتفت على سُميـة وسحب الكأس من أمامها أيضًا .. تأكدوا قبل كل شي
\nسُميـة بهدُوء : طيب خلاص ماراح نشربه وش يدرينا إحنا !!
\nنواف : لا تشربون شي من أماكن عامة دام ماتأكدتُوا !
\nسُميـة تضايقت من أوامره وكأنه وصي عليهم و أخذت حقيبتها وخرجت تارِكة أفنان مُحتارة واقفة وعقلها متوقف أيضًا عن التفكِير ،
\nنواف : وش جايبكم هنا ؟
\nأفنان بنبرة متزنة : دعونا وقلنا نجي نشوف الحفل !! فيها شي غلط ؟
\nنواف رمقها بنظراتٍ مُستحقرة ليُردف دُون أن ينظِر إليْها : أحترمي الحجاب اللي لابستــه ...
\nأفنان بإندفاع وإنفعال لم تتعوَّد أن تُسيطر عليه : وأنا طالعة بـ وش ؟ لو سمحت لا تجلس تكلمني بهالأسلوب ما أشتغل عندك ولا أنا بأصغر عيالك
\nنواف نظَر إليْها بنظراتٍ ذات معنَى سيء على قلبِ أفنان وتجاهلها تمامًا مُتجِهًا للخارج.
\nأفنان أمالت فمَها و براكين تثُور في داخلها ، لآ تُحب هذه الطريقة التي تُذكرها بطريقة ريــَّــان المُزعجة لها. بعد غد سأتوجه للرياض و فُرصـة أسبوع في الرياض من أجلِ حفل زفافه ستكُون جيدَّة لتعُود نفسيتي.
\n
\n،
\n
\nبين يديْـــه ثقيلُ الجسد ينظرُ إليه بضُعفٍ كبير و عيناه تبكِي و تختنق بأمورٍ لا يعلمها ، أخذ نفَسًا وأظلمَ الكونُ بعينِــه ، يُريد أن يفهم عين والدِه أن يقرأها و يقتبسُ ما يُطمئنه.
\nوالده المُخترق الضوءُ بجسدِه ، بصوتٍ أكثر تعبًــا و إرهاقًـا : قلت لك لا تروح . . ليه رحت ؟ . . ليه يا عبدالعزيز ؟ . . تذكر وش وصيتك فيه ؟ . . يا روح أبوك أنت تموت قدامي و مقدر أسوي لك شي . . لا تسوي في نفسك كذا يايبه .. تعرفني صح ؟ تعرفني ولا نسيتني ؟ . . . يبه عبدالعزيز ... طالعني .. طالعني يا يبه و لا تعيد نفس الغلط . . لا تعيده . . لا تعيده عشان خاطري . . عشان خاطري يا روحي
\nشعَر بكفٍ تمسح على وجهه بمياهٍ باردة ، بصوتٍ هامس : عزوز أصحى
\nفتح عيناه بتعب و العرق يتصبب مِنه ، عقد حاجبيـه وهو يتذكَر ما حدث في حلمه
\nناصر : بسم الله عليك .. تعوّذ من الشيطان
\nعبدالعزيز تمتم : أعوذ بالله من همزات الشيطان ومن أن يحضرون
\nناصر تنهَّد و هو يُخلخل يداه في شعره المُبلل : ثاني مرة توضأ قبل لا تنام .. تختنق وأنت نايم ولا تحس أبد
\nعبدالعزيز أستعدل بجلسته واضِعًا كفوفه على جبينه و الضيقة تُدفن في صدره : بروح البيت . . .
\n
\n،
\n
\nترك عبدالمحسن إبنـه و أخيه في المجلس و سَار مع الجُوهرة حول قصرِ عبدالرحمن ، بصوتٍ هادىء : تبيني آخذك اليوم ؟
\nالجُوهرة ألتزمت الصمتْ هي تعلم جيدًا بأنَّ الطلاق قدرٌ و واقعٌ عليها لا شك و لكِن شعُورها بأن تُثبت براءتها لسلطان يكبرُ بعد مَا كان مُتقلِصًا في الأيام الفائتـة ،
\nعبدالمحسن يُردف : أنا بس أنتظر أعرف مكان تُركي وساعتها بينتهي كل شيء وبتنحط النقاط على الحروف ، لكن مافيه شي يجبرك تجلسين عنده . . أنا عارف أنك تبين تطبقين اللي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم بس أنتِ حالة ثانية
\nالجوهرة أبتسمت بسُخريـة ، تفكِير والدها بها بريء جدًا بالنسبة لأفكارها و شعُورها ،
\nعبدالمحسن : إحنا في زمان غير ، يعني لما قبل البنت تتطلق وتجلس عند زوجها العدَّة ماكان أحد يشوفه غلط و فيه بعضهم يرجعون لبعض لكن هالتفكير مايمشي الحين .. تغيَّر الوقت وتغيرت نظرة الناس و إن وقعت الطلقة الأولى ما تنذَّل النفس وتجلسين عنده !! هذا وهو توَّه ماطلقك يعني ماابيك تجلسين وتنتظرينه يطلقك .. بس لأنه هو طلبني و سلطان تعرفين أني مقدر أرده بس إذا أنتِ تبين فأنتِ عندي أهم وأولى
\nالجوهرة : لآ عادي .. أصلاً عمته موجودة
\nعبدالمحسن : في بيته ؟
\nالجوهرة : إيه برمضان جت و تسلي وقتي
\nعبدالمحسن بهدُوء : أبي أتطمن عليك . .
\nالجُوهرة أبتسمت بشحُوب : لآ تطمَّن ، كلها فترة و تنحَّل أمورنا بإذن الكريم.
\nعبدالمحسن أبعده أنظاره ليتأمل الفراغ الذِي حوله و يُردف : مدري وين أراضيك يا تركي !!
\nالجُوهرة ودَّت لو تُخبره ، لكن تعلم جيدًا أنَّ سلطان سيفهم ذلك خطأ أو رُبما حتى يبصق عليه بالخطأ وإن كان عن حسنِ نيّــة ، أكملُوا سيْرِهم و هي تلمحُ الضيق في عينِ والدها . .
\nبعد دقائِق طويلة ، عبدالمحسن : الجوهرة ماأبيك تستحين مني .. أبي أسألك سؤال
\nالجوهرة بلعت ريقها لتقِف و أنفاسها تتصاعدُ مُتناسبة طرديــًا مع نبضاتِها المُرتجفة . .
\n
\n،
\n
\nبعد أن هدأت الأجواء و أتجهُوا جميعهم للأعلى ، خرجَت و بتمرُد مُباح هذه المرَة قادتها أقدامها لبيتِ عبدالعزيز ، دخَلت و صوتُ كعبها يصخب صداه ، أبعدت بيجامته عن الأرضية الرُخامية ، مسكت بعضُ الأوراق المرميـة على الطاولة التي عليها رسُومات صغيرة لبيُوت مُتراصـَّـة و أسلحـة و أشياء أخرى لا تفهمها ، تركتها بمكانِها مُتجِهة لغُرفته وقبلها نظرت للدُور العلوي الصغير الذِي يحتوي على كُتبِ والدها ، تركت الدرج الخشبي القصير و أتجهت لغرفته ، فوضوي جدًا ، الملابس مرمية على الأرض و السرير و في كُل مكان هُنــاك قطعة ساقطة. أقتربت من المرآة ، تذكُر كيف أختارت هذا الأثاث مع عبير !! تنهَّدت لترى حاسُوبه الشخصي ، فتحته لتجِدهُ غير مُغلق تمامًا ، دخلت على مُتصفح " سفاري " لتضغط على " التاريخ " و ترى الصفحات التي سبق دخولها آخر مرة ، شدت على شفتِها السُفليـة وهي تنظرُ لصفحة أثير في تويتر ، دخلتها لترى آخر تغريداتها بكُره شديد ، قرأت " هذا العطر من أجمل العطورات . . *مُرفق بصورة " أخذت نفسًا و سقطت عيناها على مثل العطر على طاولة عبدالعزيز.
\nتركت اللاب مُتجهة له ومسكته لثوانِي و سُرعان ما قذفته على الجدار ليتبلل جُزءٍ من الجُدار و الأرضْ بالعطِر و زُجاجه يتناثَر ،
\nرتيل تأفأفت و توجهت للأعلى حيثُ كتب والدها و رُبما هناك شيء لعبدالعزيز . .
\nهوَ يسيرُ بخطواتٍ سريعــة ، بعد كابوسِ ساعاتِ المغرب مُضطرب المزاج ، فتح الباب و . . . . . . . .
\n
\n.
\n
\nأنتهى
\r\n \r\n \r\n
\r\n

الموضوع الأصلي :\r\nروايه لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية || الكاتب :\r\nالبارونة || المصدر :\r\nشبكة همس الشوق

\r\n
\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n
\r\n\r\n
\r\n

 \r\n
\r\n\r\n\r\n

\r\n
\r\n
\r\n\r\n\r\n
\r\n \r\n\r\n\r\n\r\n\r\n\r\n
\r\n توقيع : البارونة\r\n
\r\n
\r\n\r\n\r\n
\r\n\r\n
قديم 27 - 10 - 2024, 02:00 PM   #13


الصورة الرمزية البارونة

 عضويتي » 1746
 جيت فيذا » 13 - 7 - 2024
 آخر حضور » 22 - 2 - 2025 (08:56 PM)
 فترةالاقامة » 325يوم
مواضيعي » 51
الردود » 1984
عدد المشاركات » 2,035
نقاط التقييم » 450
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 63
الاعجابات المرسلة » 18
 المستوى » $37 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبهAlbania
جنسي  »  Male
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  » اعزب
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل 7up
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله baunty
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلةNGA
ناديك المفضل  » ناديك المفضلahli
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضلهBentley
 

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: Sony


 
الاوسمه الحاصل عليها
 
وسام  
/ قيمة النقطة: 70
وسام  
/ قيمة النقطة: 50
مجموع الأوسمة: 2...) (المزيد»

مجموع الأوسمة: 2

البارونة غير متواجد حالياً

افتراضي رد: روايه لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية





الجُزء ( 57 )




عينَاه تتأمل أصابع والِده التي تصطدم بسطحِ الطاولة لترتفع نحو شفتيْه التي تتحرك بهدُوء وهو يُحدث الصخب في قلبِه النابض بتسارع تزداد حدة سرعته مع الكلمات النديَّـة التي تخرجُ منه ليُردف بخفُوت : يبه كيف! مستحيل بغصب أبوها !! ولا أبي أتزوّج أصلاً بهالطريقة
رائِد رفع حاجبه : ومين قال بتغصب أبوها! إلا بيوافق وبيبارك بعد
فارس : كيف
رائد يرقد قدم على قدم ليُثبتهما على طرف الطاولـة ودُون إنقطاع يُشعل سيجارته : لا تسأل كيف! المهم أنك بتتزوجها مو هذا اللي تبيه
فارس : وش بتستفيد ؟ شغلك لا تدخلني فيه
رائد بإبتسامة : لا تخاف ما أضِّر زوجة ولدي
فارس يضيع بالمسمى لِيخفت بصوته : و أبو زوجة ولدك ؟
رائد : عاد أبو زوجة ولدي مالك علاقة فيه
فارس وقف بحزم : لا يبه هالشي ما أمشي معك فيه
رائد بنظرة وعيد : نععم ؟
فارس بهدُوء : ماني جبان عشان أغدر فيها وفي ابوها وفي ظهورهم!!
رائد : وش قصدِك ؟
فارس بغضب لم يتمالك نفسه : يبه أنت وش تعرف عن الحُب ؟ أقولك أحبها !! وتبيني أضرَّها ؟ قول شي يستوعبه عقلي ..
رائد : شف هالحُب كيف مخليك ضعيف!!
فارس : غلطان ! مخليني أعيش ! أنا مدري كيف قبل عبير كنت عايش!! كيف كنت متحمِّل الجدران ؟ عُمرك ماراح تحس وش يعني الحُب يا يبه !! إيه أبيها وأحلم باليوم اللي أكون معها بس أبيها برضاها ماهو بهالطريقة القذرة! أنا حُبي لها أسمى من هالقذارة ومستحيل أدخل فيها
رائد أمال فمِه وعينه تنطق الغضب ، أنزل أقدامه من الطاولة ليقف وهو يُطفىء السيجارة : قلت لك بتتزوجها برضاها وبرضَى أبوها
فارس بسخرية : على أساس أنه فارس رائد الجُوهي يشرِّفه !!
رائد بحدَّة : ويزيده شرف بعد
فارس : تآمر على شي ؟ أنا بطلع
رائد : بتتزوجها يا فارس .. وهالشي ماأشاورك فيه أنا أقولك خبر راح يصير ! إذا مو اليوم بكرا
فارس تنهَّد : تآمر على شي ؟
لم يُجيبه وهو يعود لمكتبه ، خرج بخطوات غاضبة يجرُّ إذلال والده لهذا الحُب، وطَأت قدمُه على الرصيف المقابل للدكاكين الصغيرة الفرنسيـة ذات الرائحة المنعشة، أستنشق هواء باريس والمطرُ بخفَّة يهطل. أدخل يديْه بجيُوب جاكِيته البنِي، الخُطى تقُوده لمكان إقامتها، منذُ أن رأيتك وأنا أقدِّس معنى " الحُب "، أنا المتفقه بأموره وأنتِ الشريعة التي لا تُخطىء كيف أتجاوزك ؟ منذُ أن تطفلتِ على رسوماتي وأنا لا أعرفُ منفذًا لِأرسم غيرك، منذُ رجوعي تلك الليلة وعقلي يُسيطر عليْه فكرة واحِدة " الملامح الحسناء البيضاء من صاحبتها ؟ " منذُ تلك الليلة وأنا لا أنام إلا من بعدِ أن تسترجعك ذاكرتِي وتهرول رقصًا بِك، أنتِ يا عبير التي كتبتُ إسمها و زخرفتُه الرقيقة أسفل القصائِد، كُتبت لكِ ولكِ فقط، لو تعرفين كم أوَّد أن أكُون شاعرًا فقط لأكتُب عن حسنك، مللت النثر ، أحتاجُ أن أكتبك بقافيةِ الفتنة التي تنتمي إليْك. أسفلُ أشعار نزار وإخضرار قلبي بكلماتِه يُوجد أنتِ. تجاورين القصائِد بإستيطان لا يرحم ولا يرحمُ قلبي، " أشهد أن لا امرأة قد أخذت من اهتمامي نصف ما أخذت واستعمرتني مثلما فعلت وحررتني مثلما فعلت " و ليس هذا فقط، أشهدُ لكِ بحُبِ يعبرُ المحيطات وعينيْك. " أشهد أن لا امرأة تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال ، تحرقني .. تغرقني ، تشعلني .. تطفئني ، تكسرني نصفين كالهلال "
جلَس بالمقهى المُقابل لفندقهم، تحديدًا بالكُرسي الذي أعتادت عبير عليه منذُ ان أتت باريس ، أخرج قلمه ليكتب على منديل المقهى المُزخرف بخطُ الثلث " يقُول نزار وأقُول لكِ : أيتها البحرية العينين والشمعية اليدين والرائعة الحضور أيتها البيضاء كالفضة والملساء كالبلور أشهد أن لا امرأة على محيط خصرها . .تجتمع العصور وألف ألف كوكب يدور أشهد أن لا امرأة غيرك يا حبيبتي على ذراعيها تربى أول الذكور وآخر الذكور أيتها اللماحة الشفافة العادلة الجميلة أيتها الشهية البهية الدائمة الطفوله "
طوَاه ليُخبر النادِل الذي وضع كُوب القهوة أمامه : هل لي بطلب شيء آخر ؟
النادل : بالطبع تفضَّل
فارس : تأتِ هنا أمرأة عربية دائِمًا مع فتاة اخرى
النادل بإبتسامة : العرب كُثر
فارس : أعلم ولكن تجلس هُنا أيضًا .. أخرج هاتفه ليفتح على صورتها .. هذه
النادل : عرفتها
فارس : تأتِ كل يوم، هل لك أن تحتفظ بهذا المنديل حتى تأتِ وتُعطيها إياه مع قهوتها
النادل الوسيم يتسعُ بإبتسامته : بالطبع يا سيدي
فارس : شكرًا لك.
أخذ النادل المنديل ليضعه في جيبه، حكايا الحُب تُدَّس في بلادِنا ولكن تستنطقها العيُون بفضيحة كبيرة، ليست فضيحة بمعناها بقدر فضيحة إنسانية مُشرَّفة تبدأ بـ " أحبك " و تنتهِي بمثل الـ " أحبك " و ترتيلها. وأحيانًا تكون فضيحة لا تُشرِّف إن أتت بعصيانٍ لله، هو الحُب يكُن أجمَل إن غلَّفهُ رضـا الرحمن.

،

لم ينطق حرفًا وهو يواصل طريقُه للخرُوج من باريس ناحيـة الشمال الفرنسي، ضاق فِكره لايستطيع التركيز وهو يبحث عن منفذ، ليس أكثر ذكاءً من والِده الذي واجه مثل هذا الموقف وأنقطعت أنفاسه حتى أندثر التراب عليه، ليس أكثرُ دهاءً من سلطان العيد حتى يُفكِر بحلٍ غير الإستسلام للموت الذي سينتهي به وهو يصطدم بإحدى السيارات. وهذا السيناريو المتوقع، الموت الذي يختمُ الحياة، يبقى السؤال كيف نفُّر من النهاية ؟
ألتفت إليْها، صمتها ، هدُوئها وصدرها الذي يهبطُ بشدَّة ويرتفع بمثل الشدَّة، فمُها الذي يتمايل تارةً وتُقطعه أسنانها تارةً وجبينها الذِي يتعرج لحظات ويستقيمُ بثوانِي مُتقطعة، أصابعها التي تتشابك فيما بينها ويدُها التي تتكأ تحت خدِها بجانب الشباك، أقدامها التي تهتزُ ، لِمَ أتأملُ أصغر تفاصيلك في وقتٍ ضيق كهذا ؟ عطشان يا رتيل لكلمة منك، كلمة وأنتِ شحيحة جدًا.
: أربطي حزام الأمان
لم ترد عليه ولم تُطيع أمره، تفيضُ بقهرها حد انها لا تطيق أن تسمع صوته الآن. يلعبُ معي كالمراهقين، يستفزُ كل عرق يتصل بعقلي ليجنُّ معه جنوني، أخذتُ كفايتي من أسلُوبه ولا أظن أنني سأستمر أكثر.
يُكرر لها بحدةِ صوته : قلت أربطي الحزام
رتيل بنبرةٍ مُرتفعة وهي تلتفتُ إليْه بكامل جسدها : مالك دخل فيني !!
بصرخة ألجمتها : أربطي الحزااااااام
تعبَّرت وهي تنظرُ له، أختنقت بعبراتِها وتدافع الدموع عند عينيْها، صرختُه زلزلت صدرها لتسند ظهرها على الكُرسي وتنظرُ للطريق المُبلل وتُجاهد أن تمنع دموعها من إستعمار محاجرها أكثر.
نظر للطريق الذي فرغ بشكلٍ تام سوى من بعض السيارات البعيدة ، بحركاتٍ سريعة سحب الحزام ليربطه عليْها. لم تتحرك سوى دمعة أبت الغرق في محاجرها لتنزل على خدها.
سحب هاتفها ليتصل على عبدالرحمن، ثواني طويلة حتى أجابه بصوتٍ يستبشر الفرح : هذاني بجيكم
عبدالعزيز بصوتٍ متزن تخونه الكلمات المتقطعة على حافتِه : مقدر أرجع
عبدالرحمن من نبرته أستطاع التخمين بأن أحدًا ثالثٌ معهم : وش صاير ؟
عبدالعزيز مسح وجهه ليُردف بقلة حيلة وكأنه يستقبل الموت مثل أهله، أصواتهم تتداخل في ذاكرته، تتداخل بتقاطع حاد يشطرُ قلبه، ضحكاتهم وصرخاتهم تعبرُ إذنه وتخنق عينيْه بلا رحمة : كان فخّ منهم بس مقدرت أتوقعه
وهذه النبرة التي تعني الخلاص تُنهي قلب عبدالرحمن أيضًا، أردف : كيف فخ ؟ أنت وينك ؟
عبدالعزيز : السيارة ماتوقف .. الدواسَّة ما تشتغل ولا راح تشتغل لأنها بس شكل قدامي لكن منفصلة
ألتفتت رتيل له وهي تسمعُ كلماته، بلعت غصتها ودموعها تتدافع على خدها،
أكمل : مقدر أرجع باريس والطرق كلها زحمة .. الحين في طريق الشمال ...
صمتٌ مهيب يعقدُ على لسان عبدالرحمن الذي جلس على طرف السرير بعد أن تجهَّز للخروج ، هذا الحادث تمامًا ما حصَل مع سلطان العيد وعائلته، لا قوة لديْ لأتحمَل كل هذا مرةً أخرى.
عبدالعزيز ينظرُ للهاتف الذي يُضيء برسالة تُخبره عن نفاذ الرصيد، رماه جانبًا ليأتِ صوت عبدالرحمن الندِي : ألو. .. عبدالعزيز .... عبدالعزيز ... *صرخ* .. عبدالــــــــــــــعزيــــــــــز ...
سقط هاتفه من يدِه ليُحاصر رأسه بين يديْه ، يشعرُ بالضياع التام، رتيل وعبدالعزيز معًا! قلبيْن يشطران روحه الآن.
عبدالعزيز عقد حاجبيْه ليُردف بصوتٍ هامس : كتفِي إيدك ،
رتيل بصوتٍ يختنق : وش بيصير ؟
عبدالعزيز يفتحُ النافذة التي بجانب رتيل حتى إن حصَل شيئًا وأصطدم لا يأتِ الزجاج عليْها : كتفيها يا رتيل عشان ماتنكسر
رتيل أخفضت رأسها لتبكِي بإنهيار تام، يُشبه إنهيارها في تلك الليلة التي أغتصب بها شفتيْها، يُشبه تمامًا ذلك الأنين الذي يشطره نصفيْن، شتت نظراته : رتيل ..
رتيل هزت رأسها بالرفض، لا تُريد أن تُصدق ما يحدث الآن، لا تُريد أن تعرف. والهواء البارد يلعبُ بدمعها المُتطاير.
عبدالعزيز يفتحُ شباكه أيضًا والشارع الواسع الطويل يكاد يكُون خاويًا الآن إلا من الشاحنات الغذائية : تنطين ؟
رتيل ببكاء عميق : ما أبغى
عبدالعزيز ينظرُ للطريق مرةً أخرى وبنبرةِ المواساة التي يُدرك أنها كذب : إن شاء الله ماراح يحصل شي ..
صمتَا لدقائق طويلة ولا يحضرُ سوى بكائها، ببحة : ياربي عبدالعزيز كيف كذا ؟
تنهَّد بضيق : أبوك صار عنده خبر يمكن يقدر يسوي شي
أنتبه للوحة المكتوبة بالفرنسية " يوجد إصلاحات يُرجى المرور من الطريق الفرعي " ، تجاوز الطريق الفرعي الذي خلفه بعدةِ مترات قصيرة ، لم يستطيع أن يتراجع للخلف والسيارة مازالت مُستمرة بالسير أمامًا، . . . والآن لا مفَّر يا أنا ، تبًا.

،

تقدَّم بخطواتٍ ضئيلة للصالة العلويـة التي كانت سابقًا مكانًا للوحشة فقط، ألقى السلام بجمُودِ ملامحه : السلام عليكم.
: وعليكم السلام
سلطان : غريبة جالسين هنا !!
حصَة : قلنا نغيِّر
سلطان بصوتٍ يُثير الريبـة : تصبحون على خير .. ونزل للأسفل.
حصة : ألحقيه شوفي وش فيه
الجوهرة : لآ .. أصلا ماراح يقولي ليه أتعب نفسي !
حصة رفعت حاجبها : طيب روحي له .. وأنا بدخل أنام تأخر الوقت
الجوهرة تنهَّدت أمام أنظار حصة المراقبة لخطواتها، عادت للخلف : بنزِّل القهوة للمطبخ
حصة أخذتها من الطاولة : أنا بنزِّلها
الجوهرة تبحثُ عن حجة أخرى : طيب بآخذ لي كتاب أقرآه لأن مو جايني نوم
حصة أمالت فمها لتُردف : الجوهرة!! وش فيك تدورين الحجة عشان ماتنزلين
الجوهرة بحرج : مين قال كذا ! بس .. خلاص طيب .. ونزلت للأسفل بإتجاه جناحهم.
وضعت يدها على مقبض الباب وبمُجرد مرور حصَة بجانبها فتحته بهدُوء لتلتقط عيناها خطواتِ أصابعه التي تُغلق هاتفه ، رمقها بنظرة لم تفهمها تمامًا، تُشبه نظرات العتاب أو الحزن أو الضيق أو اللاأدري، بلعت ريقها بمُجرد ما أعطاها ظهره، أتجهت نحو دولابِها لتُغيِّر ملابسها ، أفكارها ضاعت بنظراتِه وهدُوئه الذي يُزلزلها دائِمًا، أرتدت بيجامتها بخطواتٍ خفيفة/سريعة ، فتحت شعرها المرفوع كـ " كعكة " ، بخفُوت سارت نحو الجانب الآخر من السرير المصوِّبـة نظراته له، جلست والأرق يهرول في جسدها من بدايته حتى نهايته، نظرت له وهو مُغمض العينيْن ، منتظم الأنفاس ، ملامحه هادئـة لا مجال بها للغضب أو الحقد الذي أعتادته في الفترة الأخيرة، الإستفزاز الصامت من عينيْه الدائِمة الحُب ، الذبذبات التي تقفزُ من جسدِه نحوي لا يُمكن أن يُنكرها عقله مهما فعل، رجولته التي تسيرُ بثبات نحو قلبٍ ناعم، حاجبيْه الغامقتيْن، عيناه المرَّة كالقهوة الشديدة التعقيد ، صخبُ فحولته وصخبُ جسدِه الذي يمرُ دائِمًا ليُضيئني ويُشعلني ويقتلني وكيفما يشاء يفعلُ بيْ ، يا رجُل التاريخ الأول، يا رجُل الوشم الذي لا يُمحى من جسدِي. يا رجُل الحُب المُعقّد والعُقَد من عينيْك تقتلني، يا رجُل البُنّ المُرّ أني أحبك في وقتٍ لا أُريد به أن أحبك ، " يا أيها اللغز الذي.. دوّختَني وأنا أحاولُ جاهداً أن أحزرَكْ " يالسماء النديَّـة أنا والله أخشى أن يُغمى عليْ إن قُلت ليْ يومًا " أحبك ".
فتح عينيْه التي لم تنام ويشعرُ بالتفاصيل الرقيقة التي تُراقبـه، كيف ينام وأفكاره تتلخبط وتصطدم بشدَّة/بحدة.
شهقت بمُجرد أن فتح عينِه، لتضع يدها على صدره وتهمس : بسم الله.
سارت الحُمرَّة وليست وحدها هي التي تسير، الحرارة الداخليـة تتفجرُ من قلبها بهذه الثواني. ضحك بشهقتها دُون أن يلفظ كلمة.
وضعت رأسها على الوسادة وهي تُغطي وجهها بالفراش تحاول أن تتجاهل نظراته وضحكته والمحاولات بحقِ سلطان شديدة الفشل والحرج.
بهمس : الجوهرة
لم ترد عليه وهي تغرز وجهها في الوسادة وتُغطي كامل جسدِها بالفراش، أردف بعد أن رأى الصدّ : تصبحين على خير

،

يرمي كل شيء أمامه وهو يرتدِي ملابسه المُجعَّدة، يُريد الخروج ما عاد به قوَّة للتحمل أكثر، أُريد أن أنظر لها، أن أشعر بها، أن أصرخ وأقول " هذه والله غادة " ليست من الأربعين الحمقى الذين تشبهُوا بها ، ليست أحدٌ والله سرق ظلالها ، إنها هي غادة أوَّد أن أسقط لعناقها كما لم أعانقها من قبل، أوَّد أن أبكِي على صدرها وأتخلص من الشرقية المُتغطرسة التي تأبى الدموع، يالله كم كان عقابِي شديدًا في الوقت الذي تفاخرتُ به بهذه الشرقيَّـة ، كم كان فخرِي مدعاةً للحزن وللسخرية وأنا أبكيك الآن.
عينايْ وإن جفَّت فهُناك قلبٌ يبتهلُ بِك، لا يرى من النساءِ إلا أنتِ ، يا مخملية العينيْن التي أشتهيها، يا الحضُور البهي التي يخضرُّ به القلبْ ، يالغياب الذِي يُشارك الموت في مفرداتِه، يا الصباح الزاهِي يشتَّقُ من غيابِك شحُوبِه.
خرَج بإضطراب خطواتِه وهو بجنُون يُفكر أن يسير على أقدامه لباريس إن صعب عليْه الأمر، يُريد أن يغمض عينيْه ويفتحها وهي أمامه، ياللمجانين الذين يريدُون أن يهذبُون قلبي وأنا ميتٌ بِك ؟ يا للمجانين الذين يمحُون البكاء وأنا عينايْ مسامات لا تيبس !
مرّ من الإستقبال المُلتهي ليخرج من المستشفى و سماءُ الرياض الجافـة مازالت تُمارس قمعها لقلبي الذي يتُوق للبلل.
في مثل هذا الفجر، في مثله قبل سنوات.
غادة : وجهة نظرك خاطئة ماله علاقة بالرجولة!
ناصر : هذا اللي ناقص !! أنا الرجال اللي يبكي قدامي يطيح من عيني
غادة تنظرُ لفجرِ باريس الذي يُزاحم الغيم : يالله يا ناصر! والله أنك تكذب مستحيل ما قد بكيت
ناصر : إلا بس ما أبكي يعني أدمِّع أحيانًا لكن أني أبكي وأنهار بصراحة لا و هالشي عندي عيب
غادة : يعني بينقص من رجولتك أنك تبكي ؟ بالعكس الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا يبكون أحيانًا
ناصر : صلى الله عليه وسلم لكن أنا بالنسبة ليْ ماأحب البكي ولا أحب أشوف رجال قدامي يبكي
وبضحكة أردف : البكي مخلينه لكم يا رقيقات
خرج للشارع الرئيسي وهو يوقف إحدى سيارات الأجرة ، لو تعلمين يا غادة كم تغيَّرت قناعاتِي منذُ أن غبتِ، أنا الذي لم أُحب البكاء يومًا بات لا يمرُ يومًا دُون أن أسجِد ببكائي من جنُون شوقِي إليْك.

،

حك جبينـه ، لم يأتِه النوم منذُ إتصاله ، أخرج ورقـة بيضاء من الدرج ليرسم بوقعٍ ثقيل على البياض، افرادٌ مشتتة و إسم " عبدالرحمن " يُنقش بطرف الورقة و يوازيـه إسم " سلطان " تنهَّد لتختلط أفكاره بغثيانٍ شديد.
رفع هاتفه الذي يهتز : هلا . . . هههه ضحكتني وأنا ماني مشتهي، تستهبل معي ولا كيف ؟ . . . طيب . . تعرفون أنكم تلعبون مع الشخص الغلط ! بمجرد ما توصل لجهاز الرياض راح يتحرك اللي أكبر من سلطان بن بدر وساعتها مدري مين اللي لازم يفلت ! . . طبعًا لا أنا أحاول ألقى نهاية لهالمسألة بما لا يضرني ولا يضرّك . . . . . . وتحسب عبدالرحمن بيسكت ؟ هو أصلاً بدآ يشك وسلطان بعد بدآ يشك . . . . . . أنا مايهمني كل اللي تقوله اللي يهمني أنه ما ينداس على طرف واحد من اللي يعزهم عبدالرحمن . . . إيه نعم يؤسفني هالشي يا حبيبي . . . . عبدالرحمن وأهله خط أحمر وماأبغى أعيد هالحكي مرة ثانية.
أغلقه بهدُوء لينظرُ لرسالة متعب " مقرن دوَّرت على ملف قضايا 2008 ومالقيتها، بس تصحى أرسلي مكانها "
مقرن تنهَّد ليكتُب له بأصابعٍ مُثقلة " في أرشيف الدور الرابع ".

،

ترك ضيء في ريـبة من أمرها ومن خلفها عبير التي بدأت تُخمِّن بعينيْه المُتسائلة عن ما يحدُث، أبلغ الشرطَة ولكن الأمور تفلتُ منه في وقتٍ يُخبره رجل الأمن أن الطريق بأكمله خاوٍ من أيّ سيارة تحمل هذا الرقم، أين ذهبُوا في هذه الساعات ؟ أيُّ أرض تحمل خُطاهم المسكينة التي لم ترى يومًا أبيض! لا هاتف يستطيعون الوصول إليْه ولا رقم يستطيعون مراقبته لمعرفة أين هُم ! سيئـة الأجواء والأكثر سوءً هي الظروف. في مُنتصف الشارع بعد أن تم إغلاقه والمطر يُبلل أجسادهم : إذن ماذا ؟
: يا سيدي إننا نفعل كل ما بوسعِنا والآن يتم البحث في الناحية الأخرى من المدينة
عبدالرحمن مسح وجهه لا يستطيع التفكير أكثر، الرماديـة تغشاه والضباب يُخبره بأن لا أحدًا تنتظره. لسانه يبتهل بالدعوات منذُ أن سمع صوتُ عبدالعزيز المرتبك.
: هل بإمكاني أن أرى آخر مكالمة له ؟
عبدالرحمن : مسجلة في البريد الصوتي.
: حسنًا ، سمع صوتُه وهو لا يفهم العربية تمامًا ، سنرى آخر مكانٍ له ، دقائق عريضـة مُمتدَة تسوء على قلوب الجميع دُون إستثناء. أتى الشاب الآخر بلكنة فرنسية بحتَة : الإشارة عند ( إستوِيغ ) بجانب مصبَّات النهر
ينظرُ عبدالرحمن للطريق ذاته : نحنُ هنا !
الشرطي : رُبما تقدمُوا للأمام قليلاً سنتجه في ناحية الطريق ذاته ..
ركبَا السيارة التي تسيرُ بمثل الطريق ، أعينهم الشاردة تبحثُ بكل بُقعة في هذا الشارع التي على جانبيْه الأرضُ الخضراء المُصفَّرة.
الشُرطي بصوتٍ متزن وبإنكليزية مُغلظة : تم إبلاغ شُرطة الميناء بفقدانهم، أمرُ الحادث واقع لا مُحالة لن يستطيعُوا السيطرة على السيارة التي تسير بسرعة مثل ما تم تحديدها 180 كيلومتر في الساعة ، معنا مُسعفين في حال كانوا أحياء ولم يحصل لهم شيء.

،

في صباحِ الرياض الباكِر، الجوُ يعتدل مائِلاً لقليلٌ من البرد. دخَل المستشفى مُتجهًا لغُرفته ، أتسعت محاجره من السرير الفارغ المُرتب ويتضح أن لا أحدًا نام عليه ليلة الأمس ، أتجه للإستقبال : بسأل عن المريض ناصر الـ .. لم يُكمل إسمه من مقاطعته له : إيه للأسف مالقيناه موجود وتوقعناه طلع حتى كنا نحاول الوصول لرقمك عشان بعض الأوراق المحتاجة توقيع
فيصل رفع حاجبه : كيف طلع ؟
: آعتذر بس
قاطعه فيصل بعصبية : هذي مسؤولية المستشفى كيف مريض يطلع بدون لا تتم إجراءات الخروج!!
: أخ فيصل إحنا مـ
فيصل : لآ آخ ولا زفت أنا راح أشتكي عليكم .. هذي أرواح كيف تغفلون عنها
: لو سمحت إحنا بمستشفى وماينفع تعلِّي صوتك، إحنا نعتذر عن الخطأ الغير المقصود وممكن أنه هرب بطريقة تحايل يعني خارج عن إرادتنا
فيصل بتهديد : هالشي تقوله لمُدير المستشفى ..
أبتسم موظف الإستقبال بضيق : يعني بتقطع أرزاقنا الله يهديك!
فيصل يتجاهله بغطرسة لا تخرجُ منه عادةً : أنتهى كلامي معك ... خرج وهو لايعرف كيف يصِل إلى ناصر الآن.
أتصل على بيته لتُجيب الخادمة : ناصر موجود ؟
الخادمة : إيه الحين يبي يطلع
فيصل أغلقه وهو يتجاوز السرعة المطلوبة في مثل هذه الطرق، هذا الرجل بات لا يعرف أين مصلحته. ستقتلني يا ناصر!!

،

وقفت عند الباب لتُردف في داخلها كثيرًا " يالله يا ريم تشجَّعي .. هو الغلطان ماهو أنا " ، يارب رحمتِك التي وسعت كل شيء، هو المخطىء في كل هذا لستُ أنا ، تقدَّمت له وهو جالِس بهدُوء على الأريكـة : ريَّان
رفع عينه : نعم ؟
ريم شتت نظراتها لتُردف بربكة لسانها : أظن لازم نفهم بعضنا ، يعني تفهمني وأحاول أفهمك
ريَّان بنظرةٌ جارحة تحملُ اللامبالاة وكأن أمرُ علاقتنا لا تهمه : طيب ؟
ريم : أنا مدري سبب طلاقك في زواجك الأول ...
يُقاطعها بغضب : الماضي مالك دخل فيه زي ماأنا مالي دخل في ماضيك
ريم بتوتر : وأنا وش الماضي اللي بيكون لي ؟
ريَّان : مدري أسألي نفسك
ريم : ماأعرف يمكن فيه موقف مآخذه ضدي وأنا ماأعرفه أو فاهمه غلط لازم أوضَّحه لك .. فكون صريح معي عشان نبدأ صح
ريَّان يتجاهلها وهو ينظرُ لهاتفه، أخذت نفسًا عميقًا : لو سمحت ريَّان ، إذا زواجك الأول مأثر عليك إلى الحين فمن الظلم أنك ..
يُقاطعها مرةً أخرى : قلت لك لا تفتحين سالفة زواجي الأول
ريم بدأت تختنق بعبراتِها : بس
بنبرةٍ مُرتفعة : قلت لا تفتحين هالموضوع وأنتهينا
ريم تنهَّدت : طيب يعني كيف ؟ أنت تعاملني كأني ولا شي
ريَّان وقف مُقتربًا منها، عادت بخطواتِها للخلف حتى ألتصق ظهرها بالجدار ، تخافُه كثيرًا لتُردف : أنا أحاول أفهمك
ريّــان : أنا أقول أفكارك أحتفظي فيها لنفسك، مايمشي معي هالموَّال وسالفة أفهمني وأفهمك
ريم شدَّت على شفتيْها ليتدافع دمعُها على خدِها الأبيض، أردفت بحشرجة صوتها : كيف نعيش إذا ما بيننا تفاهم ؟
،

نزل للأسفَل ومزاجهُ لا يُناسب يوم العطلة، تركها نائِمة دُون أن يلفظ كلمة تُزعجها، يحتاج أن يتحدث معها أن يفهم ما تُريد وأن يعرف ماذا توَّد أن تُقرر.
أتسعت محاجره عندما رأى هيفاء : وش مسوية بنفسك ؟
هيفاء بإبتسامة مُتسعة : تان يا حبيبي
يُوسف عقد حاجبيْه : الحمدلله والشكر ، وأمي راضية ؟
هيفاء بضجر : والله أنه يهبل عليّ بس وش يعرفك أنت! .. لا مسوية لها مفاجئة
يوسف : الناس يدورون البياض وأنتِ تلاحقين السواد
هيفاء : أولاً هذا ما هو سواد إسمه برونزاج!
دخلت الوالدة المُبتهِّلة بلسانها لتتجمَّد في مكانها ويصخب يوسف بضحكته على منظر والدته : حسبي الله ونعم الوكيل وش مسوية بنفسك ؟
هيفاء بإحباط : يالله وش يعني مسوية!! تان يمه
والدتها : يا مال الضعفة قدامك زواج ولاعبة بنفسك
هيفاء وستبكِي من الأراء المُحبطة لها رُغم انه في نظر صديقاتها " وآو " : يروح يا بعد قلبي بعد فترة
يوسف بسخرية : أعوذ بالله منكم يالحريم مابقى شي ما قدرتوا توصلون له !! عزِّي لنا بس
هيفاء : لو سمحت أنت وش يعرفك بالتان خلك على ساعاتك
يُوسف : فرضًا طلب فيصل يشوفك .. بينصدم من وصف أمه لك .. بيقول ذي البيضا اللي تقولين عنها !!
هيفاء بحرج حاولت ان لاتُظهره : وش دراك أنه أمه وصفته ليْ
يوسف بضحكة : لآ أبد قالت له أبيك لهيفاء وهو وافق
هيفاء تنهَّدت لتتكتف : أولاً البرونز حلو عليّ ثانيًا اللون ماهو غامق يعني لون حلو ويجنن .. بس طبعًا أنتم نظام قديم البيضا اللي أحلى شي لو ملامحها حفريات الرياض أهم شي بيضا وشعرها طويل
والدتها : حسبي الله بس .. شايفة وجهك بالمرآية كيف معدوم !
هيفاء ضربت صدرها بخفَّة : بسم الله عليّ يمه ورآه تبالغين كذا! .. انا بروح غرفتي ماعمري شفت ناس يحبطون زيّكم.
يُوسف يُعلِّي صوته : لا تحطين مكياج أخاف تقلبين رصيف
هيفاء وهي تصعد الدرج : ها ها ها تقتلني بظرافتك
يوسف بجدية : يمه شفتي منصور اليوم ؟
والدته : أنت كبِّر مخدتك بس!! راح ويا ابوك المزرعة
يوسف عقد حاجبيْه : كان صحيتُوني
والدته بغضب من هيفاء بدأ يصبُّ في يوسف : أبد حبيبي أنت بس بلغني بمواعيدك وأنا أقوم وأصحيك
يوسف زفر أنفاسه بضيق : لاحول ولا قوة الا بالله .. هالحين تحطين حرة هيفا فيني ؟
والدته : أنهبلت ذا البنت .. وأختك الثانية بعد منهبلة
يوسف : وش فيها ؟
والدته : متصلة تبكي تقول أنها ماتبي ريَّان
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أستغفر الله .. شر البلية ما يُضحك وش تحس فيه ريم !! لا يكون ما عجبتها قصة شعره
والدته نظرت له بحدَّة : تحسب أختك تافهة يالتافه
يوسف بمزاج مُضطرب : طيب ولاتزعلين .. وش عندها ؟
والدته : مدري عيَّت تقولي بس تقول أنها ماهي مرتاحة
يوسف رفع حاجبه : يمكن مشكلة بسيطة وهي مهولَّة بالموضوع! كلميها و سحبي منها الحكي
والدته تخرج هاتفها : بتصل عليها الحين .. الله يصبِّرني بس
وقف مُتجهًا للأعلى ، قرر أن يذهب للمزرعة ويتسلى مع أخيه ووالده، دخَل بخفُوت ليسمع بكائها الذي جمَّد خطواتِه وهو يُغلق الباب. أخذ نفسًا عميق وأنينُها لم يعتادِه أبدًا، يشعرُ بالغصات التي تتراكمُ في عنقها وتُؤذيه أيضًا، تقدَّم بخطواته نحوها وهي تُغطي وجهها بالفراش العنابِي، جثَا على ركبتيْه بجانب رأسها : مهرة
لم تُجيبه سوَى بكتمها لأنفاسها وبُكائها الضيِّق، كيف لا تحزن ؟ تشعرُ بالضياع التام. ولا إجابة تشفي صدرها وكلمات أمها تتجاوزها وتشطُرها أيضًا ، صوتُها الداكِن يُخبرها بمُرِّ لم ترحمها به " لا تجدِّدين الجروح الفايتة، أهتمي لبيتتس ورجلتس وماعليتس من شي ثاني ، تُخبرها بقهر : طيب أبي أرتاح! أنتِ تدرين عن شي ماأعرفه ، والدتها : قلت لتس أني متطمنة عليتس عنده ولا تكثرين الهرج وتخسرين يوسف "
أبعد الفراش عن وجهها المُحمَّر بالبكاء، لتُشتت نظراتها بعيدًا عنه. يُوسف بنبرةٍ حميمية : مهُور يابعد عُمري الحين البكي وش بيفيدك ؟ أنا داري أنك مقتنعة مهما حاولتِ تبعدين الأفكار عن رآسك بس هذي الحقيقة ، لاعاد تفكرين باللي مضى وخلينا في اليوم . .
بعد ثواني طويلة تجادلت بها أعينهم أردف : يالله قومي وريِّحي صدرك من هالبكي
مُهرة تشدُ على شفتيْها لاتستوعب بعد ما يحدُث، تحاول أن تنظرُ له ويخترقها بعينِيْه الغامقة.
يُوسف : مهرة .. يالله قومي .... وقف ليمُد يدِه لها .... أنتظر كثيرًا حتى قال : بتفشليني ؟
وضعت كفِّها في باطن كفِّه وهي تقف ليشدّ جسدها النحيل نحو صدرِه، أحاطت عنقه بيديْها وبدمعها المُنهمر على كتفِه، قبَّل عنقها الذِي واجَه وجهُه ،قُبلاتِه الدافئـة كفيلة بتلاشِي رعشة عروقها المُشتتة، الراحة التي تمتصُ من جسدِه تُشعرها بقُدسيـة العناق، ربكةُ قلبها التي تزيدُ بإلتصاق صدرِها بصدرِه تربتُ عليْها لتُخفف وطأة الحياة التي تقطعها دُون إلتفات. دسَّت وجهها في عنقه لتستنشق رائِحته، رائِحة العُود التي منذُ قابلته أول مرَّة وهي تشمُه منه ، هذه الرائحة الخاصَّة به ولم تشمُّها في غيره تلتصق بقلبها وعقلها معًا، برقَّـة قبَّلت عنقه كقُبلة الأبديـة، كقُبلة الإستسلام، همست : ماني عارفة وش أسوي! أمي عيَّت تقولي شي
أبعدها بهدُوء ليمسح دمعها بباطنِ كفِّه : لو عندها شي يدين منصور كان قالت لك بس أمك مقتنعة بعد باللي قلته لك
بلعت ريقها لتُردف بتشابك أصابعها : بس ...
يُقاطعها : الحين مقتنعة صح ولا لا ؟
مُهرة : طيب مين ؟
يوسف : اللي الحين بالسجن يا مهرة! .. أكيد هو مافيه غيره اللي رمى على منصور كل التهم! ولو ماأغلقوا قضية القتل كان راح يعترف إذا مو اليوم بكرا! لأنه بالنهاية قدر يعترف بكل شي يخص الأشياء الممنوعة
مُهرة ألتزمت الصمت وهي تنظرُ للأسفل، الفوضى المنتظمة التي تشعرُ بها تجعلها تضيع في بحر أفكارها.
يوسف : وش رايك نطلع ؟ نغيِّر جو !
مُهرة رفعت عينها له : وين ؟
يُوسف : أفكر بس أنتِ الحين جهزي نفسك
مُهرة : خلها يوم ثاني أحس صدَّعت من كثر البكي
يوسف : تروقين ماعليك
مُهرة أبتسمت : طيب .. بدخل أتروش .. وأتجهت نحو الحمام لتترك يوسف يفتح هاتفه ويبحث عن مكان يذهبا إليْه.
فتح مُحادثة صديقه علي " يالسبع مرِّنا بالإستراحة الجو يعجبك "
يوسف " مانيب فاضي لوجهك ، أسمعني أبي مكان حلو "
علي " يخي وش فيك قطعت فينا! "
يُوسف " تعرف أنا عضو مجلس إدارة شركة ماعندي وقت لأشكالك "
علي " الله يالدنيا ! بس معجزة عضو مجلس إدارة ومتخرج بمقبول "
يوسف " أقول لا يكثر جاهز للشماتة ، المهم علي تعرفني ماني راعي تمشي بالرياض حدِّي الإستراحة أبي مكان وبسرعة بعد "
علي " *أيقونة الوجه المبتسم إبتسامة عريضة* طيب وش نوع المكان ؟ "
يوسف " معفن طول عمرك معفن ! أنقلع طيب "
علي " ههههههههههههههههههههههههه خذها نجران يمدحون جوَّها "
يوسف ضحك ليُردف " ترى هذا تراث مايجوز تتطنز عليه "
علي " حاشى والله ماأتطنز مير أنت ودِّك أني أتطنز على أهل مرتي ، تهبِّل أنا رايح لها قبل شهر "
يوسف " أقولك أبي شي بالرياض! "
علي " وأنا أقول خلك من ذا الأشياء خذها مني الحريم نكارَّات العشرة والجميل ! بس تعال الإستراحة ونكيِّف "
يوسف " ياليل النشبة "

،

تقطَّعت أظافرُها من أسنانها التي لم تكفّ عن القلق منذُ أن أخبرهم أنهم مفقودين إلى الآن، يالله أحمهم برحمتِك التي وسعت كل شيء، أخذت نفسًا عميقًا لاتعرف كيف تُبعد التوقعات الرماديـة الشديدةُ السواد، منذُ ليلة الأمس مفقودين ؟ يالله لو حصَل عليهم شيئًا كيف يُساعدُون أنفسهم دُون أحدٍ بجانبهم ولا حتى هاتف يتصلُون منه، ماذا يعني لو كان لا شيء عليهم ولكن بسبب فقدانهم لكل وسائل الإتصال يُصيبهم مكروه، يارب أرحمنَا ولا تفجعنا بهم، رفعت عينها لضي التي بدأت تسيرُ ذهابًا وإيابًا في عرض الغُرفة والقلق ينهشُ في عقلها : ما أتصل للحين .. وحتى مقرن ماهو معه .. يارب لاتفجعنا
عبير بدأ صوتها يتحشرج : معه الشرطة إن شاء الله مو صاير إلا كل خير.
في جهةٍ أخرى واقفٌ على جانب الطريق والشُرطة تُحيط هذا الشارع من كل جانب، بدأت إتصالاتُ السفارة تنهال عليه وهي التي مسؤولة عن كل مواطن هُنا في باريس. سمع صوت التبليغ " تقاطع a151 تم العثور على السيارة "
أنجذبت أذنه إلى حديث الشُرطي لتبدأ عينيه بالتساؤلات، الشرطي : عثرنا عليهم في الطريق القائم على الإنشاءات ..
عبدالرحمن : وحالتهم ؟
الشرطي : سنذهب ونرى
عبدالرحمن ركب السيارة بإستعجال ، قلبه الذي لا يكفّ عن الدعاء خشيَّة أن يحدث لهُما شيء، الإسعافات سبقتهم بإتجاه الحادث ، وقفُوا عند التقاطع فخطر أن تمُر السيارات بطريق لم يجهز إلى الآن، نزل بخطواتٍ سريعة مُتجهًا للداخل، نظر للسيارة لتتجمَّد أقدامه من هذه السيارة التي أنكمشت تمامًا ولا تُوحي بأن أحدًا يخرجُ منها حيًا. سأل المُسعف الذي غطى أجسادهم قبل أن ينظر إليْهم : كيف حالهم ؟
: الشكر للرب، ولكن فقدوا الكثير من الدماء .. وتركه في إصطدام عقله.

،

وقفت بعد أن شعرت بالإحراج الكبير منه، بيَّنت اللامُبالاة وهي تتكتف : إيه نعم
نواف رفع حاجبه : على فكرة منتِ صاحية!!
أفنان : عفوًا ؟ أولاً هذي الأوراق قديمة يعني .. أنا ماأعرف أصلاً ليه أبرر لك
نواف أبتسم بعد أن قرأ في ملفها أنها " عازبة " : صح ليه تبررين لي! صدمتيني
أفنان ودَّت لو تنبثق الأرض وتسقط بها : خطبة يعني مو حاطين خيار مخطوبة
نواف مسك نفسه قليلاً ولكن لم يتمالك ليغرق بضحكاته : صح الحق علينا كان مفروض نكتب خيار ثالث اللي هو مخطوبة عشان تحطين عليه صح
أفنان أخذت أغراضها من على المكتب : عن إذنك
نواف خجَل من نفسه هو الآخر كذِب مثلما كذبت تمامًا، لا أعرف لِمَ كذبنا على بعض ؟ لم نكُن مضطرين أن نكذب! أحيانًا قلُوبنا تملك السطوة على ألسنتنا وتُسيِّرها كيفما تشاء دُون أن نفهم ما تفعل بنا.
خرجت مُتجهة لشقتها وهي تشعرُ بحُمرةِ تسرِي بعروقها بعد أن أكتشف كذبتُها اللاسبب لها. شعرت بمحاجرها التي تختنق، لم تتوقع أن تُحرج بهذه الصورة، أن تُحرج حدّ البكاء وتسمعُ ضحكته الساخرة. " أوووف، كلب طيب!! ".

،

ينزلُ بخطوات سريعة بعد أن عرف بخبر الحادث الذي حُضِّر لعبدالعزيز، بدأت الشكوك تُثبت ووجود خائن أيضًا تُبرهن الفكرة بأدلة كثيرة.
توقفه حصة : سلطان
سلطان يلتفت عليها : يا قلبي مشغول مررة بس أرجع .. وتركها.
دخل سيارته ليُحرِّك سيارته بسُرعة تجاوز الحد الطبيعي، مسح جبينه وأفكاره ترتطم ببعضها البعض، صعب أن يتقبل فكرة خيانة أحدٌ من نظامه، ولكن إن لم يكُن من أفراد رائد من يكون ؟ الحادث الذي حصَل لعائلة سلطان لم يكُن من تدبير رائد أم ماذا ؟ إلا الغدر صعب عليّ أن أتقبله. دقائِق طويلة تستغرق بتفكيره إلى أن وصَل لمبنى عمله، دخَل مُتجهًا لمكتبه ومن خلفه أحمد : تفضَّل هذي أوراق القضايا اللي على رائد ، بحثت في أسمائهم كلهم أسماء مالها علاقة بالحادث ..
سلطان : طيب يا أحمد! فيه أحد طلب منك شي بغيابنا ؟
أحمد بتوتر : مافهمت !
سلطان : يعني أحد طلب أوراق سرية وخاصة ؟
أحمد : لآ مافيه غيرك أنت وبوسعود
سلطان : بس أنا وعبدالرحمن ؟ متأكد ؟
أحمد بلع ريقه: إيه
سلطان تنهَّد : ناد لي أمين الأرشيف
أحمد : بإجازة طال عمرك
سلطان : نائبه
أحمد : إن شاء الله ... وخرج.
سلطان رمى سلاحه جانبًا وهو ينظر لساحة التدريب من نافذتـه، أخذ نفسًا عميقًا وفكرة أن " رائد " ليس مسؤولاً عن الحادث تُثير في داخله ألف علامة تعجب وإستفهام. ثوانـي قليلة حتى ألتفت لنائب أمين الأرشيف : أبغى سجلات اللي دخلوا الأرشيف غيري أنا وعبدالرحمن
: بس طال عُمرك أنت تعرف أننا مانسجِّل أسماء إدارتك
سلطان : مين تقصد ؟
: يعني مقرن أو أحمد أو حتى متعب .. كل رجالك ما نطلب منهم التوقيع !
سلطان : طيب متى آخر مرة طلب مقرن شي يتعلق بإحدى القضايا ؟
: يمكن قبل أسبوعين
سلطان : وش كانت ؟
: قضية سليمان فهد
سلطان : وش كانت قضيته ؟
: الإشتراك في عمليات إرهابية مع رائد الجوهي
سلطان : و وش يطلع إن شاء الله
بلع ريقه ليُردف : أحد جماعته يا بو بدر
سلطان بغضب : وكيف تعطيه إياه ؟
بربكة : مقرن يعتبر ..
سلطان صرخ عليه بجنون : إن شاء الله يطلع أبوي هذي معلومات سرية ماتطلع لأيّ فرد يشتغل هنا
أخفض نظره دُون أن يعلق.
سلطان : تجيب لي كل شي متعلق في سليمان فهد
: إن شاء الله لكن قضية 2009 ما نملكها لأن خذاها مقرن
سلطان رفع حاجبه : وش قلت ؟
بلع ريقه بربكة كبيرة : خذاها مقرن
سلطان : عيد ما سمعت
أرتبك ليصمتْ
سلطان صرخ : طلعه لي من تحت الأرض . .
: إن شاء الله .. وخرج بخطوات سريعة.
خرج خلفه متجهًا لمكتب متعب الذي من شدة الربكة أسقط كوب القهوة على ثوبه : جب لي كل الإتصالات اللي سوَّاها مقرن الشهر اللي فات
متعب : إن شاء الله
سلطان بنظرةٍ حادة : الحين
متعب : إن شاء الله ثواني و تكون عندك
خرج من مكتبه ومقرن يُثير في نفسه الريبـة والشك ، أتصل على عبدالرحمن ولكن هاتفه مغلق، خشيَ أن حصَل مكروهًا لعبدالعزيز!
جلس على مقعده ويديه تُحاصر رأسه المثقل، يجب أن يتأكد فعلاً من توجهات مقرن قبل أن يتصرف.
في جهةٍ أخرى : لا والله أني ماأكلمه
أحمد : تكفى متعب ..
متعب يعضْ شفتيه بتوتر : معصب لو أقوله يذبحني ..
أحمد : إذا ماعرف اليوم بيعرف بكرا !! ماتفرق
متعب : إيه بس عاد ماهو أنا اللي أقوله
أحمد : جبان
متعب : خف علينا يالقوي الشجاع اللي مايهاب أحد
أحمد رمقه بنظرات إستحقار وأتجه نحو مكتب سلطان وهو يأخذ نفسًا عميقًا ويُجهِّز نفسه لغضبه وكلماته الجارحة.
طرق الباب ودخل ليرفع سلطان عينه ،
أحمد بتوتر : حبيت بس أبلغك يعني حصل شي قبل فترة وما قدرنا نبلغك
سلطان بنظرات تُوحي لجحيم سيُقبل عليه الآن : لحظة! كيف ما قدرتُوا تبلغوني ! أظن أني أداوم كل يوم ومقابل وجيهكم !
أحمد : إيه بس ما حبينا نشغلك بأشياء بسيطة
سلطان وقف : نععم ؟ طبعًا انتم اللي تقررون وانا أشتغل عند سعادة مزاجك أنت وياه متى ماحبيتُوا تبلغوني ومتى ما حبيتوا قلتوا لأ
أحمد : لا الله يسعدك ماهو كذا ! بس قلنا نحل الموضوع بدون لا نزعجك.. يعني اللي حصل أنه أرشيف الدور الرابع أستقال أمينه من فترة و . .
سلطان بغضب يُقاطعه : و طبعًا الأرشيف صار سبيل للرايح والجاي
أحمد : لآ مو كذا بس قدرنا نعيِّن نائب أرشيف 4 a و
سلطان : شف أحمد لا تهبِّل فيني! مين اللي دخل الأرشيف ؟
أحمد : محد .. يعني غيرنا
سلطان : وغيرنا! يدخل تحتها مين
أحمد : أنا و بوسعود و ..
سلطان : ومقرن ؟
أحمد : إيه
سلطان يحك طرف شفتِه وبنبرة هادئة تشتعل بخفوت : وش أسوي فيكم ؟
أحمد : يعني إحنا واثقين بـ
يُقاطعه بعصبية : هنا مافيه شي إسمه واثق فيه! حتى أبوك لو كان يشتغل معك ما تثق فيه
أحمد : آسف خطأ خارج إرادتنا
سلطان : أطلع برا لآ أرتكب فيك جريمة أنت والغبي الثاني
أحمد أنسحب بهدُوء عاقد الحاجبيْن، بعض الأخطاء التي كنا نراها بسيطة أصبحت فادحة وجدًا.
متعب : وش صار ؟
أحمد : رح ودّ له سجل إتصالات مقرن وأستشهد
متعب أخذ الأوراق مُتجهًا لسلطان ، طرق الباب ووضعها أمام الطاولة وبخطوات أسرعُ من البرق خرج قبل أن يلفظ كلمة ويتصادم مع سلطان الغاضب.
يقرأ الأرقام وأسمائها وعينيه تشتعل غضبًا وهو يقرأ بعضُ الأسماء المشبوهة، كتب رسالة لعبدالرحمن " خل مقرن قدام عينك وبس تشوف رسالتي أتصل عليّ ضروري "

،

يُقاطعه وهو يقف أمامه : بس أنتظر
ناصر بغضب ونظرات حادة : أتركني
فيصل : طيب أنا أوديك بنفسي
ناصر : فيه طيارة الليلة من البحرين وأنا أبيها !!
فيصل : أبشر أنا أطير لك الحين للبحرين .. بس خلني أنا بنفسي أوصلك
ناصر بحدة : توصلني ؟ بزر قدامك ولا وش سالفتك
فيصل بجديَّة : طيب قدامنا طريق 5 ساعات ماعلى نوصل البحرين و بنلحق إن شاء الله
ناصر : حجزت وخلصت .. بالمناسبة يعني
فيصل بهدُوء : إيه عارف .. خلاص أنا بمشي معك أوصلك بس للبحرين
ناصر ألتزم الصمت لثواني ليُردف : طيب .. وخرج مع فيصل الذي تنهَّد براحة.

،

يقرأ رسالة فيصَل له " بكرا بيكون ناصر بباريس، مهِّد لها " أخذ نفسًا عميقًا يشعرُ بتأتأة الحُب في قلبه وهو يحاول أن يُدافع ويسقط في فخِ الواقع، نظر إليْها وهي تسير على رصيف الميناء تتجاهله تمامًا، شخصيـة غادة الجامعية ذات عنفوان الشباب عنيفة إتجاه الغرباء أمثالي، ياللسخرية! الآن أصبحت غريبًا عليْها.
سار بجانبها : غادة
غادة دُون أن تلتفت عليه : نعم
وليد : خلينا نرجع ،
غادة : بروح شقتنا
وليد : شقتكم الحين اكيد ماهي موجودة !!
غادة بحدة : مالك شغل فيني .. أنت دكتور ولا وش ؟
وليد تنهَّد : طيب زي ماتبين
غادة سارت بإتجاه طريق ريفُولي الذي يبدأ بمنطقتهم السابقة، كلماتها تخدشُه كثيرًا، يوَّد أن يصرخ عليها ويُخبرها أنه وليد الذي يُحبك وأنتِ كُنتِ تعلمين بذلك. بدقائِق سريعة وبخطواتها المُستعجلة وصَلت لعمارتهم وبنهاية الشارع تسيرُ أثير القلقة بشأنِ عبدالعزيز، تُكرر إتصالاتها كثيرًا والجوال مغلق منذُ يوميْن، يالله ! ماذا يحصُل معه.
وقفت وهي تسمع الصوت الذي يُشير للبريد الصوتي : عزوز أنشغل بالي وينك فيه من يومين لا حس ولا خبر .. بس تسمع هالرسالة أتصل عليّ ضروري.
نظرت للعمارة التي بمُقابلها، تذمَّرت من نفسها ماذا تفعل أن تذهب وهي تعلم انه ليس هُنا ، تراجعت لتعود من حيثُ ما أتت.
في جهةٍ كانت غادة تطرق الباب ولا أحد يُجيبها.
وليد : شفتِي ؟ خلينا نطلع
غادة تنظرُ للباب الذي يقابلهم : هنا أم نادر جارتنا ..
وليد تنهَّد : العمارة فاضية يا رؤى .. أقصد يا غادة ...
غادة تنظرُ للحارس الطاعن بالسن : جورج !! ...
جورج الذي كأنه سينصرع بمجرد أن رآهآ : أوه ماي قود .. ماذا يحدث هنا ؟
وليد أبتسم على منظره : مرحبا
جورج بتهويل : كنت أعرف أن الأموات يعيشون بعد زمن
وليد : هذه غادة ..
جورج يهرب بخطواته نحو غرفته ليُتمتم بكلماته لا تُفهم منها سوى " يسوع .. "
غادة : يحسبني ميتة ؟
وليد : أختفيتِ سنة أكيد الكل بيحس نفس إحساسه ، خلينا نمشي
غادة بإحباط رحلت وهي تمرُ من العمارة الأخرى : هنا كان يعيش ناصر

،

صلَّت ركعتيْن شُكر ومثل مافعلت تمامًا ضي، يالله كيف يفلتُ منَّا كل شيء وتبقى رحمةُ الله، كيف نظلُّ نعصيه رُغم النعم التي تُحاصرنا من كل جانب، يالله كيف فقط ندسُّ أنفسنا بالذنب ونحنُ نعرف أن كل شيء بيدِ الله ولو شاء أن يخسفُ بنا فعَل. يالله ماارحمك.
عبير : الحمدلله .. أهم شي أنهم بخير
ضي أبتسمت وعيناها تتلألأ : الحمدلله .. الحمدلله يالله
في جهةٍ أخرى من باريس ينظرُ للأطباء الداخلين والخارجين، الإنتظارُ هذا يقتله، يستعدُ أن يفعل كل شيء بوجه الحياة إلا الإنتظار الذي يجعل أقدامه على حمَمٍ تُثير الفزَع.
أتجه نحو غرفة عبدالعزيز ليطمئن عليه بعد أن خرج الممرض من عندِه، دخل بخطواتٍ خافتة حتى لا يُزعجه ولكن كان واعٍ تمامًا، إصاباتٌ طفيفة تعرَّض لها، رأسُه المُغطى بشاشٍ أبيض وصدرِه الملتَّف حوله الشاشُ أيضًا يجعله يطمئن قليلاً من أنهُ لا شيء أكبرُ من ذلك حصَل له.
أنحنى له ليُقبِّل جبينه بكل إمتنان : الحمدلله على سلامتك
عبدالعزيز بصوتٍ مبحوح : الله يسلمك ..
وخانتهُ البحَّة لتتقطع بصوتِه : رتيل ؟
عبدالرحمن : الحمدلله هي بخير...
عبدالعزيز يستعيدُ اللحظات الأخيرة التي تمرُ على رأسه الذي يشعرُ بأن طينًا ثقيلاً يُحَّط عليْه. كان الطريقُ مغلق تمامًا لم أستطع أن أنحني جانبًا كان لا بُد أن نصطدم بعربةِ النقل ، عينيها التي أغمضتها بشدَّة مازال يشعرُ بأنه ينظر إليْها ، أنحناءه لها وهو يفتح لها الباب حتى تخرجُ من السيارة قبل الإصطدام في وقتٍ كان بابِه بجانب الأسلاك التي لا يستطيع أن يعبر عبرها، رفضها أن تخرج من السيارة وهي تخفضُ رأسها لا تُريد أن ترى شيئًا. لم أستطع أن أفعل شيئًا سوَى رميِي لهاتفي الذي كان أثقلُ شيئًا إتجاه الزجاج الأمامي حتى يتكسَّر قبل أن يتكسَّر بملامِحنا ويعجنها، رميتهُ عدَّة مرات حتى تكسَّر قليلاً ، لم نعِش يومًا جميلاً يا رتيل، لم تكُن أيامنا جميلة معًا ، لم نستطع أن نستمتع بالصباح معًا ، لم أستطع أن أرى عيناكِ وهي تستيقظ، لم أستطع أن أمسك يدِك أمام الجميع ونسير معًا، لم أستطع أبدًا أن أقُول لكِ " أحبك " ولم أستطع حتى أن أقُولها لنفسي، لم أستطع أبدًا! في الحادث الأول كُنتِ هنا، سمعتها منكِ، سمعتها جيدًا ومنذُ يومها أنا لاأنسى نبرةُ صوتِك، أعترفتِ بحُبك في وقتٍ تجاهلت هذا الإعتراف، في هذا الحادث أيضًا أعترفتُ لنفسي وأنا أتجاهل هذا أيضًا، لِمَ نُكابر على كل حال ؟ لِمَ الحوادث ترتبط بقلبيْنا رُغم أننا ننبذُ ذلك.
قطع تفكيره صوتُه : ريِّح نفسك ونام ، لاتفكر كثير
عبدالعزيز أستجاب لأمره وهو يحاول أن ينام بعد أن أنقطعت أنفاسه بالساعات الماضية.

،

ينظرُ له بضحكة بعد أن غرق تمامًا بصخب ضحكاتِه ، أردف : فحل ماشاء الله عليك
فارس يتجه نحو مكتبة والده : بقرآ كتاب أسهر عليه الليلة
رائِد : فويرس ..
فارس يحاول أن يقطع أحاديث والده المُحرجة له : تصبح على خير يبه
رائِد : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه طيب يا ولد موضي .. قلت ليْ تحميها!! يخرب بيت عقلك بس
فارس ألتفت عليها : طالع على أبوي
رائِد بإعتزاز : والله فخور فيك لكن طبعًا مانيب راضي
فارس أبتسم حتى بانت صفُّ أسنانه : على قلبي يا ولد الجوهي
رائِد بمثل إبتسامته : طيب .. وش قررت بموضوع بنت عبدالرحمن ؟
فارس : اللي قلته لك ماعندي غيره
رائِد : طيب يا مشعل المحمَّد
فارس رفع حاجبه بدهشة : عفوًا ؟
رائِد بإبتسامة ذات معنى عميق : الله يسلمك هذا الإسم ما ينرَّد عند عبدالرحمن
فارس بسخرية : تبغى تزوِّر إسمي عشان يقبل فيه عبدالرحمن !! مستحيل يبه
رائِد : ماهو مستحيل! بتروح مع أبوك محمد .. وبتخطبها وطبعًا بيسأل عنك وكلام الناس ينشرى .. كل شي جهزته لك ... أخرج من جيبه بطاقة الهويـة المزوَّرة والجواز.
فارس ضحك من دهشته ليُردف : من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام
رائِد بهدُوء : ماشاء الله على ولدِي المتفقه بأمور الدين، يشرب ويكلم بنات ويقولي والله حرام يبه التزوير!!
فارس تنهَّد بغضب شديد : يبه مستحيل تنسبني لواحد ماأعرفه
رائد : ماله علاقة فيك، راح تتزوج وتسافر تنقلع لأي ديرة وتصرف زي ماتبي
فارس : هالشي ما يمشي معي بعدين كيف ! يعني .. أستغفر الله بس .. العقد بيكون باطل
رائد : لآ مايكون باطل دام الشروط كاملة فهذا شي عادِي ، طيب اللي يغيرون أسمائهم بعدين تحسبهم يتطلقون من زوجاتهم ! طبعًا لا و مافيه شخص إسمه مشعل المحمد .. يعني إسم وهمي معناه فارس رائد الجوهي .. لو أنه فيه شخص بهالإسم كان ممكن يطلع عقدك باطل .. فاهم عليّ ؟
فارس : يبه أنت على كيفك تتلاعب بالأمور الشرعية
رائِد تنهَّد : لآ تكثِّر حكي .. وروح أسأل أيّ شيخ وقله لو طلع الإسم مزور ماحكم العقد بيقولك صحيح لأن الشروط كاملة ويتوجب عليك أنه تسوي عقد ثاني عشان الإسم لكن زوجتك تبقى زوجتك
فارس : لا يبه مستحيل هالشي يصير! أصلا بيكشفنا بسهولة لا تنسى هالشي
رائِد بإبتسامة : الحين هو لاهي ماهو يمِّك، بيسأل عنك في الرياض وأنا رتبت لك كل الناس و أنت ماشاء الله عليك دكتور وين يرفضك ؟
فارس: دكتور ؟
رائد بضحكة : معاي شهادة تثبت هالشي وكشف حساب يثبت بعد وظيفتك المحترمة .. رجل تتمناه كل بنت وزي ماوصلني أنه بنته كبرت أكيد ماراح يوقف نصيبها لا عرف عن سمعتك
فارس : أيّ سمعة أيّ خرابيط و اصلا مين بيكون عارفني عشان يسمع عن سمعتي
رائِد : غمض عين وفتِّح عين تلقى الرياض تحكي عنك
فارس : جد يبه منت صاحي!!
رائِد : بكرا العصر أنت عنده في باريس، تخطبها منه أنت وأبوك *أردف كلمته الأخيرة بضحكة ساخرة*
فارس : طيب وإذا كان يعرف شكلي!
رائد : مايدري عنك !! كيف بيعرف وأنت أصلا ماتطلع بالشارع زين يعرف أنه عندي ولد
فارس تنهَّد ليُردف بشك : أنت تعرف مع مين في باريس ؟
رائد دُون إهتمام : مع بناته يراقبون الوضع بس ماعنده ماعند جدتي ..
فارس : وزوج بنته ؟
رائد : يقولون أنه مسافر ولد سلطان العيد
فارس أطمئن على عبدالعزيز ليُردف : طيب ..
رائِد : المهم أنت يا عريسنا جهِّز نفسك وكل الشغل خله عليّ ، ملف حياتِك وماضيك عندي وكل شي ممكن يخطر على بالك لقيت له حل .. أنا خبرتي ماتروح عبث!!
،

في ساعات الليل المتأخرة تسيرُ مع ضي على الرصيف مُتجهات للفندق بعد عودتهما من المستشفى ، عبير : خلينا نآخذ قهوة نصحصح عليها
ضي : إيه والله محتاجين .. دخلتَا المقهى المُقابل لتطلبَا على عجل دُون أن تجلسَا ، أنتظرتَا وقوفًا بهدُوء.
النادل الذي يبدأ دوامه فجرًا دخَل مُسلِمًا على أصحابه، عاد خطوتين لينظرُ لعبير في جهةٍ كانت عبير تنظرُ إليْه بريبة من نظراته ، تقدَّم لها : مرحبا
عبير بتوتر : أهلا
النادل : معي شيءٌ خاص بك
ضي بإستغراب : لك ؟
عبير هزت كتفيْها بعدم فهم ، النادل يُخرج المنديل من جيبه ويُقدِّمه لها. أخذتها لتقرأ الخطُ ذو اللون الأسود المزخرف.
ضي أبتسمت : معجبين ماشاء الله
عبير شعرت بأن أنفاسها تختنق، هذا الجو يضيقُ عليها لتضعها في حقيبتها بعجَل بعد أن قرآها بإنسيابيـة: خلينا نطلع
ضي أخذت قهوتهمَا : وش فيك ؟ تعرفينه ؟
عبير بربكة تبحثُ عن كذبة رقيقة تُقنع ضي : لآ ، بس .. من جيت باريس وهالرسايل تجيني
ضي : آهآآ ..
تستعيدُ بذاكرتها ما قرأتهُ للتو وتقف عند " أيتها اللماحة الشفافة العادلة الجميلة أيتها الشهية البهية الدائمة الطفوله " ، وأنا أشهدُ أن لا رجلاً يُرضي غروري إلاك ، أشهدُ أن لا رجلاً يجتمعُ عليه صمتٌ متواصل وحديثٌ لا ينقطع إلاك ، أشهدُ أن لا رجلاً يُحيطني برجولته كأنت ، أشهدُ أن لا رجلاً يسرقُ ضوء القمر ويضيئني كأنتْ ، أشهدُ أنِّي أنتمي إليك، أستعمرتني تمامًا. أشهدُ أنِّي لا أُريد الحريـة مِنك وأنِّي أرغبُ بإحتلالِك الكامل ليْ ، أشهدُ أني أحبك بقدر ما قِيلت هذه الكلمة منذُ أتينا على هذه الدنيا.

،

يتوسَّل الممرضة بلكنته الفرنسية المُغرية : أرجوكِ
الممرضة الحسناء : حسنًا ولكن لن تُطيل المكوث
عبدالعزيز بإبتسامة : شكرًا لك
الممرضة تأتِ بالكُرسي المتحرك له ، ليجلس عليه بِ رداء المستشفى المُنقَّط الذي يصِل لركبتيْه، أتجهت به نحو الغرفة المجاورة، دخلت بهدُوء وخرجت لتتركه معها.
مثل ما فعلتِ تمامًا يا رتيل، مثل ما تسللتِ إليْ في الرياض، نحنُ نتشارك بكل شيء ولكن الحياة لا تُريدنا أن نتشارك. يالهذا الواقع!
نظر إليْها، خدوش بسيطة على جبينها ووجهها ، يلفُ يديْها جبيرةٌ بيضاء، تبدُو شاحبة فقدت دماءً كثيرة. هذه السمراء تواصِلُ قتله ، " هَلْ لانفِراطِ الموجِ في عِينيكِ ياسَمراءُ جُرْفُ ، أَخشَى عليكِ، وكيفَ لاأَخشى عَليكِ، وأَنتِ عَزْفُ " أخذ نفسًا عميقًا وهو يتأملها دُون أن ينطق شيئًا سوَى قلبه الذي يبتهل ويُثرثر. " شِتْ ! " حتى وأنا أمامك أكابر الآن. لوهلة أشعُر بأنِي خلقت من حجر.
حركت رقبتها المثبَّتة بحامِي الرقبـة ، يبدُو أنها شعرت به. . . .
فتحت عينيْها بإنزعاج دُون أن تميِّز من أمامها، تُغمضها تارةً وتفتحها كي تستوعب الضوء الذي يدخل عليها من كل جانب . .
بللت شفتيْها الجافتيْن بلسانها حتى تنطُق . .

،

رجَع على أطراف الفجر بعد أن أستغرق اليوم بأكمله في العمل، يبحثُ بالسجلات وبملفاتٍ ضخمة تمتلىء بالأوراق والحبر ، بدأ يسترجع ما حدث المغرب حين قرأ الرسالة في مكتبه " سألت لك الشيخ وقال عليك كفارة اليمين لأنها تدخل بمعنى اليمين لكن لو بنية الطلاق فلا يجوز لك وأنت قلت لي أنه ماكانت في نيِّتك الطلاق فما عليك الا كفارة اليمين " وتحديدًا بعد صلاة العشاء أتجه للجنة الخيرية حتى يتصدق بالطعام عن 10 مساكين وتسقط عنّهُ الكفارة ، شتت أفكاره المضطربة ليضع يدِه على مقبض الباب، شعر بأن قلبه لايستقيم بالتفكير، مرَّت دقائِق طويلة وهو أمام الباب، شعر بحركتها بالداخل لم تنَم بعد. أخذ نفسًا عميقًا ليدخل بثرثرة عميقة مع روحه " من حقِّي يا أنا، لن أخرج من هذا الزواج خالي الوفاض، ...... " لحظة!!! "
.
.

أنتهى ،




 توقيع : البارونة

البارونة


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للحب, معصية, مقبرتي, الثغر, الحكايات, برود, روايه, شفتيها, طيف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الأعضاء الذين قاموا بتقييم هذا الموضوع : 0
لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
روايه لقيطه في الثلاثين تروي بجرأه كل مايدور البارونة همس للقصص وحكايات وروايات 18 20 - 4 - 2025 07:00 PM
قرية الحكايات في لمانيا شَمسُ البلاد همس للسياحه والسفر 4 23 - 8 - 2023 01:39 AM
السيرة النبوية الحكايات المتفرقة همسه الشوق همس السيرة النبوية 7 20 - 4 - 2022 12:24 AM
روايه روحي لك وحدك للكاتبه ريم الحجر روايه رائعه لا تفوتكم جروح الم همس للقصص وحكايات وروايات 81 8 - 6 - 2018 01:02 PM
خلي الثغر يضحك واهدي الدنيا وعود المملوح ــه همس عالم ادم ازياء الرجل عالم الرجل العصري 3 11 - 3 - 2011 09:37 AM


الساعة الآن 08:10 PM


جميع الحقوق لشبكة همس الشوق

SEO by vBSEO