همس الشوق |
همس السيرة النبوية سيرة النبي والرسل والصحابة والتابعيين |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]() ![]()
![]()
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الشرب وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ الشُّرْبُ قَاعِدًا، هَذَا كَانَ هَدْيَهُ الْمُعْتَادَ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ الَّذِي شَرِبَ قَائِمًا أَنْ يَسْتَقِيءَ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ شَرِبَ قَائِمًا. قَالَتْ طَائِفَةٌ: هَذَا نَاسِخٌ لِلنَّهْيِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ مُبَيِّنٌ أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ، بَلْ لِلْإِرْشَادِ وَتَرْكِ الْأَوْلَى، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا، فَإِنَّهُ إِنَّمَا شَرِبَ قَائِمًا لِلْحَاجَةِ، فَإِنَّهُ جَاءَ إِلَى زَمْزَمَ، وَهُمْ يَسْتَقُونَ مِنْهَا، فَاسْتَقَى فَنَاوَلُوهُ الدَّلْوَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَهَذَا كَانَ مَوْضِعَ حَاجَةٍ. وَلِلشُّرْبِ قَائِمًا آفَاتٌ عَدِيدَةٌ مِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ به الرّي التام، ولا يستقرّ فيالْمَعِدَةِ حَتَّى يَقْسِمَهُ الْكَبِدُ عَلَى الْأَعْضَاءِ، وَيَنْزِلَ بِسُرْعَةٍ وَحِدَّةٍ إِلَى الْمَعِدَةِ، فَيُخْشَى مِنْهُ أَنْ يُبَرِّدَ حَرَارَتَهَا، وَيُشَوِّشَهَا، وَيُسْرِعَ النُّفُوذَ إِلَى أَسْفَلِ الْبَدَنِ بِغَيْرِ تَدْرِيجٍ، وَكُلُّ هَذَا يَضُرُّ بِالشَّارِبِ، وَأَمَّا إِذَا فَعَلَهُ نَادِرًا أَوْ لِحَاجَةٍ، لَمْ يَضُرَّهُ، وَلَا يُعْتَرَضُ بِالْعَوَائِدِ عَلَى هَذَا، فَإِنَّ الْعَوَائِدَ طَبَائِعُ ثَوَانٍ، وَلَهَا أَحْكَامٌ أُخْرَى، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْخَارِجِ عَنِ الْقِيَاسِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَفِي «صَحِيحِ مسلم» مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: «إِنَّهُ أَرْوَى وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ» . الشَّرَابُ فِي لِسَانِ الشَّارِعِ وَحَمَلَةِ الشَّرْعِ: هُوَ الْمَاءُ، وَمَعْنَى تَنَفُّسِهِ فِي الشَّرَابِ: إِبَانَتُهُ الْقَدَحَ عَنْ فِيهِ، وَتَنَفُّسُهُ خَارِجَهُ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الشَّرَابِ، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْقَدَحِ، وَلَكِنْ لِيُبِنِ الْإِنَاءَ عَنْ فِيهِ» . وَفِي هَذَا الشُّرْبِ حِكَمٌ جَمَّةٌ، وَفَوَائِدُ مُهِمَّةٌ، وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَجَامِعِهَا بِقَوْلِهِ. «إِنَّهُ أَرْوَى وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ» فَأَرْوَى: أَشَدُّ رِيًّا، وَأَبْلَغُهُ وَأَنْفَعُهُ، وَأَبْرَأُ: أَفْعَلُ مِنَ الْبُرْءِ، وَهُوَ الشِّفَاءُ، أَيْ يبرىء مِنْ شَدَّةِ الْعَطَشِ وَدَائِهِ لِتَرَدُّدِهِ عَلَى الْمَعِدَةِ الْمُلْتَهِبَةِ دُفُعَاتٍ، فَتُسَكِّنُ الدُّفْعَةُ الثَّانِيَةُ مَا عَجَزَتِ الْأُولَى عَنْ تَسْكِينِهِ، وَالثَّالِثَةُ مَا عَجَزَتِ الثَّانِيَةُ عَنْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لِحَرَارَةِ الْمَعِدَةِ، وَأَبْقَى عَلَيْهَا مِنْ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهَا الْبَارِدُ وَهْلَةً وَاحِدَةً، وَنَهْلَةً وَاحِدَةً. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَرْوِي لِمُصَادَفَتِهِ لِحَرَارَةِ الْعَطَشِ لَحْظَةً، ثُمَّ يُقْلِعُ عَنْهَا، وَلَمَّا تُكْسَرْ سَوْرَتُهَا وَحِدَّتُهَا، وَإِنِ انْكَسَرَتْ لَمْ تَبْطُلْ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ كَسْرِهَا عَلَى التَّمَهُّلِ وَالتَّدْرِيجِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ أَسْلَمُ عَاقِبَةً وَآمَنُ غَائِلَةً مِنْ تَنَاوُلِ جَمِيعِ مَا يُرْوِي دُفْعَةً وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ يخاف منه أن يطفىء الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ بِشِدَّةِ بَرْدِهِ، وَكَثْرَةِ كَمِّيَّتِهِ، أَوْ يُضْعِفُهَا فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى فَسَادِ مِزَاجِ الْمَعِدَةِ وَالْكَبِدِ، وَإِلَى أَمْرَاضٍ رَدِيئَةٍ، خُصُوصًا فِي سُكَّانِ الْبِلَادِ الْحَارَّةِ، كَالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ فِي الْأَزْمِنَةِ الْحَارَّةِ كَشِدَّةِ الصَّيْفِ، فَإِنَّ الشُّرْبَ وَهْلَةً وَاحِدَةً مَخُوفٌ عَلَيْهِمْ جِدًّا، فَإِنَّ الْحَارَّ الْغَرِيزِيَّ ضَعِيفٌ فِي بَوَاطِنِ أَهْلِهَا، وَفِي تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ الحارة. وقوله: «وأمرأ» : هو أفعل من مرىء الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ فِي بَدَنِهِ: إِذَا دَخَلَهُ، وَخَالَطَهُ بِسُهُولَةٍ وَلَذَّةٍ وَنَفْعٍ. وَمِنْهُ: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً هَنِيئًا فِي عَاقِبَتِهِ، مَرِيئًا فِي مَذَاقِهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَسْرَعُ انْحِدَارًا عَنِ الْمَرِيءِ لِسُهُولَتِهِ وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْهُلُ عَلَى الْمَرِيءِ انْحِدَارُهُ. وَمِنْ آفَاتِ الشُّرْبِ نَهْلَةً واحدة أنه يخاف منه الشرق بأن يسدّ مَجْرَى الشَّرَابِ لِكَثْرَةِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ، فَيَغَصُّ بِهِ، فَإِذَا تَنَفَّسَ رُوَيْدًا، ثُمَّ شَرِبَ، أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْ فَوَائِدِهِ: أَنَّ الشَّارِبَ إِذَا شَرِبَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تَصَاعَدَ الْبُخَارُ الدُّخَانِيُّ الْحَارُّ الَّذِي كَانَ عَلَى الْقَلْبِ وَالْكَبِدِ لِوُرُودِ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَتْهُ الطَّبِيعَةُ عَنْهَا، فَإِذَا شَرِبَ مَرَّةً وَاحِدَةً، اتَّفَقَ نُزُولُ الْمَاءِ الْبَارِدِ، وَصُعُودُ الْبُخَارِ، فَيَتَدَافَعَانِ وَيَتَعَالَجَانِ، وَمِنْ ذَلِكَ يَحْدُثُ الشَّرَقُ وَالْغُصَّةُ، وَلَا يَتَهَنَّأُ الشَّارِبُ بِالْمَاءِ، وَلَا يُمْرِئْهُ، وَلَا يَتِمُّ رِيُّهُ. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، والبيهقي، وَغَيْرُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمُصَّ الْمَاءَ مَصًّا، وَلَا يَعُبَّ عَبًّا، فَإِنَّهُ مِنَ الْكُبَادِ» . وَالْكُبَادُ- بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ- هُوَ وَجَعُ الْكَبِدِ، وَقَدْ عُلِمَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ وُرُودَ الْمَاءِ جُمْلَةً وَاحِدَةً عَلَى الْكَبِدِ يُؤْلِمُهَا وَيُضْعِفُ حَرَارَتَهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ الْمُضَادَّةُ الَّتِي بَيْنَ حَرَارَتِهَا، وَبَيْنَ مَا وَرَدَ عَلَيْهَا مِنْ كَيْفِيَّةِ الْمَبْرُودِ وَكَمِّيَّتِهِ. وَلَوْ وَرَدَ بِالتَّدْرِيجِ شَيْئًا فَشَيْئًا، لَمْ يُضَادَّ حَرَارَتَهَا، وَلَمْ يُضْعِفْهَا، وَهَذَا مِثَالُهُ صَبُّ الْمَاءِ البارد على القدر،وهي تفوز لَا يَضُرُّهَا صَبُّهُ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَقَدْ رَوَى الترمذي فِي «جَامِعِهِ» عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَا تَشْرَبُوا نَفَسًا وَاحِدًا كَشُرْبِ الْبَعِيرِ، وَلَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلَاثَ، وَسَمُّوا إِذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ وَاحْمَدُوا إِذَا أَنْتُمْ فَرَغْتُمْ» . وَلِلتِّسْمِيَةِ فِي أَوَّلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَحَمْدِ اللَّهِ فِي آخِرِهِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي نَفْعِهِ وَاسْتِمْرَائِهِ، وَدَفْعِ مَضَرَّتِهِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إِذَا جَمَعَ الطَّعَامُ أَرْبَعًا، فَقَدْ كَمُلَ: إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ، وَحُمِدَ اللَّهُ فِي آخِرِهِ، وَكَثُرَتْ عَلَيْهِ الأيدي، وكان من حل. الموضوع الأصلي : هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الشرب || الكاتب : سجات التهاويل || المصدر : شبكة همس الشوق
![]() ![]() |
رسالة لكل زوار منتديات شبكة همس الشوق |
عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع ولكن من اجل منتديات شبكة همس الشوق يرجاء ذكر المصدرعند نقلك لموضوع ويمكنك التسجيل معنا والمشاركة معنا والنقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذالك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
وسلم, الله, النبي, الشرب, عليه |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() | |
لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حوض النبي صلى الله عليه وسلم | همسه الشوق | همس السيرة النبوية | 4 | 21 - 4 - 2022 06:30 AM |
حب النبي صلى الله عليه وسلم | حنين الأشواق | همس السيرة النبوية | 2 | 3 - 11 - 2021 03:02 PM |
وصف سمع النبي صلى الله عليه وسلم | همسه الشوق | همس السيرة النبوية | 12 | 19 - 10 - 2020 09:43 PM |
رفق النبي صلى الله عليه وسلم | همسه الشوق | همس السيرة النبوية | 10 | 25 - 4 - 2020 04:04 PM |
دعاء اقسم عليه النبي صلى الله عليه وسلم انه مستجاب | التائب إلى الله | همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية | 5 | 31 - 3 - 2019 06:31 PM |