شبكة همس الشوق

شبكة همس الشوق (https://www.hamsalshok.com/vb/index.php)
-   نفحات اسلاميه (https://www.hamsalshok.com/vb/f128)
-   -   الدنيا دار إبتلاء (https://www.hamsalshok.com/vb/t86293.html)

همسه الشوق 15 - 9 - 2020 04:22 AM

الدنيا دار إبتلاء
 
آيات بينات وأنوار هاديات (3)
الدنيا دار ابتلاء

قال الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ
عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ [الكهف: 7 - 8].

في رحاب الآيات:
إن العلاقة التي تربط الإنسان بالحياة الدنيا في التصور الإسلامي، هي علاقةُ ابتلاء؛ أي:
اختبار وامتحان، وهي تعني اختبارَ طاعة الإنسان لله - عز وجل - واتِّباع تعاليمه
في جميع شؤون الحياة، وهذا الابتلاء هو المظهر العمليُّ لعلاقة العبودية بين الله تعالى
والإنسان، وعُمر الإنسان هو الزمن المقرَّر لهذا الابتلاء
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: 2].
والأرض هي قاعة الامتحان التي يجري فيها هذا الابتلاء، أما مواد الابتلاء، فهي جميع
ما على وجه الأرض؛ من مآكلَ لذيذة، ومشاربَ، ومساكن طيِّبة، وأشجارٍ وأنهار، وزروعٍ وثمار
ومناظرَ بهيجة، ورياضٍ أنيقة، وأصوات شجيَّة، وصور مَليحة، وذهب وفِضَّة، وخيل وإبل ونحوها
الجميع جعَله الله زينة لهذه الدار، فتنة واختبارًا؛ ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].
والموت هو نهاية مدة الابتلاء، والبعث والحساب هما فرْز نتائج الابتلاء، وتصنيف
الناجحين والفاشلين، والمآل إلى الجنة أو النار هما الثمرة العملية لهذا الابتلاء.

وهكذا، فإن نقطة الابتلاء في حياة الإنسان هي هذه الزينة الموجودة في الأرض
هل يتناول منها القدر الذي أباحه الله وأحلَّه، أم يَنتهب ما حرَّم الله ولا يلتزم بطاعته؟!
عندما غابت هذه الحقيقة عن أذهان أكثر الناس، انشغلوا بهذه الحياة الدنيا، فأصبحت
منتهى أملهم، ومبلغَ عِلمهم، وغاية طموحاتهم، تراهم يتخبَّطون بين أمواجها، يتنافسون
على شهواتها وملذَّاتها، يتسابقون على جمْع حُطامها الزائل، يَسكرون من كأس شرابها.
من أجْل متاعها، يَخون الناس الأمانات، ويَنكثون العهود، ويَجحدون الحقوق، وينسَون الواجبات.
من أجل متاعها، يفترس القوي الضعيفَ، ويَلتهم الكبير الصغير، ويبغي الناس
بعضُهم على بعض، ويعيشون كسباع الغابة، أو أسماك البحار.
من أجل متاعها، يغش التجار ويُطفِّفون، ويطغى الأغنياء ويترفون، ويتجبَّر أصحاب الجاه
والمناصب ويستعلون، ونَسُوا في غمرة سَكرتهم أن كلَّ هذه الزينة التي يتقاتلون من أجْلها
ستُصبح فانية مُضمحلة، وزائلة منقضية، وستعود الأرض صعيدًا جُرزًا، قد ذهبت لذَّاتها، وانقطَعت
أنهارها، واندرسَت آثارها، وزال نَعيمُها؛ يقول الشيخ السعدي - رحمه الله -:"هذه حقيقة الدنيا
قد جلاَّها الله لنا كأنها رَأْي عينٍ، وحذَّرنا من الاغترار بها، ورغَّبنا في دار يدوم نعيمُها، ويَسعد مُقيمها
كل ذلك رحمةً بنا، فاغترَّ بزُخرف الدنيا وزينتها مَن نظر إلى ظاهر الدنيا دون باطنها، فصَحِبوا الدنيا
صُحبة البهائم، وتمتَّعوا بها تمتُّع السوائم، لا ينظرون في حقِّ ربِّهم، ولا يَهتمون لمعرفته، بل هَمُّهم
تناوُل الشهوات من أي وجه حصَلت، وعلى أي حالة اتَّفقت، فهؤلاء إذا حضَر أحدهم الموتُ
قَلِق لخراب ذاته، وفوَات لذَّاته، لا لِما قة في عمره الشريف،دَّمت يداه من التفريط والسيئات
وأما مَن نظر إلى باطن الدنيا، وعلِم المقصود منها ومنه، فإنه يتناول منها ما يَستعين به
على ما خُلِق له، وانتهَز الفرص فجعل الدنيا منزلَ عبورٍ، لا محلَّ حبورٍ، وشقَّة سفرٍ، لا منزل إقامةٍ
فبذَل جُهده في معرفة ربِّه، وتنفيذ أوامره، وإحسان العمل، فهذا بأحسن المنازل عند الله
وهو حقيق منه بكل كرامة ونعيمٍ، وسرور وتكريمٍ، فنظر إلى باطن الدنيا، حين نظَر المغترُّ إلى ظاهرها
وعمِل لآخرته، حين عمِل البطَّال لدنياه، فشتَّان ما بين الفريقين، وما أبعدَ الفرق بين الطائفتين".

أنوار هاديات:
1- دعوة إلى فَهم حقيقة علاقة المؤمن بالحياة الدنيا، وهي علاقة ابتلاء، فنحن في قاعة امتحان
كبيرة نُمْتحن فيها كلَّ يوم، فكل ما فيها امتحان وابتلاء؛ المال فيها امتحان، والزوجة والأولاد
امتحان، والغِنى والفقر امتحان، والصحة والمرض امتحان، والقوة والضَّعف امتحان
وكلنا مُمتحن في كل ما نَملِك، وفي كل ما يَعترينا في هذه الحياة، حتى نلقى الله
﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].
فما تَستقبله النفوس مما يُكره، هو ابتلاء لها على الرضا بقضاء الله والتسليم له، وما تَستقبله
مما يُحَبُّ، هو امتحان لها كذلك على الشكر والحمد لما آتاها الله من فضله وإحسانه.
إن فَهم هذه الحقيقة يَسكُب في القلب الطمأنينةَ والسكينة، فيواجه بصبرٍ وثباتٍ كلَّ ما يواجهه في هذه الحياة.
2- تحذير من الاغترار بالدنيا وما فيها من زينةٍ وزخارفَ ومباهجَ، فتلك للاختبار والامتحان
ليُعرَف الصالحون الأبرار من المفسدين الفُجَّار، ثم مآلها إلى الفناء والزوال والدمار والخراب، والرجوع
إلى الملك الإله الدَّيان؛ ليَجزي كلَّ إنسان بعمله، فما أعظم خسارة مَن آثَر ما يَفنى على مايبقى
وما أعظم رِبْح مَن اشترى ما يبقى بما يَفنى! فهو التاجر الرابح، وتجارته لن تَبور.
3- استخدام الآية لتعبير ﴿ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾، وليس (أكثر عملاً)؛ إشارة إلى أنَّ حُسن العمل
وكيفيته العالية، هما اللذان يحدِّدان قيمته عند رب العالمين، وليس كثرة العمل أو كميَّته؛ فالإخلاص
أحد شرَطي قَبول العمل مع المتابعة، وبدون الإخلاص يُصبح العمل هباءً منثورًا، واستقرار
هذه الحقيقة في الضمير، يدَعه أبدًا يَقِظًا حَذِرًا، مُلتفِتًا واعيًا للصغيرة والكبيرة في النيَّة المُستترة
والعمل الظاهر، ولا يَدعه يَغفل أو يلهو.

ويعجبني قول د. مصطفي السباعي:
"لا تَحتقر عملاً قدَّمته بنيَّة خالصة؛ فالقليل مع الإخلاص كثير، والكثير مع الرِّياء قليل
والمُحاسِب الخبير لا تُعجبه كثرة الدنانير؛ وإنما تُعجبه جودتها".
4- التأمل في حقيقة الحياة الدنيا وسرعة انقضائها وزوالها، من أعظم المُعينات
على دفْع الحزن وذَهاب الهمِّ، فكل ما في الدنيا إلى زوال، فعلامَ الهم والحزن؟!
5- دعوة إلى تدبُّر الآيات التي بيَّنت حقيقة الحياة الدنيا، والمداومة على استحضارها
في الأذهان؛ حتى لا تغرَّنا ببريقها الزائف، وبَهْرجها الخادع، ومن هذه الآيات:
(يونس 24 - الكهف 45 - الحديد 20)، كما أنصح بقراءة تفسير هذه الآيات من التفاسير المختلفة.
6- دعوة إلى تدبُّر القَصص القرآني؛ فهي تجسيد عملي لصورة الابتلاء
سواء بالخير، أو الشر، فعلى سبيل المثال:
1- الابتلاء بالخير: فشِل فيه فرعون وأساء استخدام ما حباه الله به من الخيرات وادَّعى الألوهيَّة
وكذلك قارون فشِل في اختبار الثروة الهائلة والكنوز العظيمة، في مقابل نجاح سليمان
- عليه السلام - وذي القرنين في اختبار السلطة والنفوذ.
2- الابتلاء بالشر: فشِل فيه فرعون أيضًا عندما أخذه الله بالعقوبات الشديدة، فلم يَنزجر
ولم يرجع عن غيِّه وضلاله؛ ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ
عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 130 - 131].
في مقابل نجاح السَّحرة عندما تحمَّلوا الأذى والتعذيب في سبيل إيمانهم، والمواقف كثيرة تحتاج إلى تأمُّلٍ وتدبُّرٍ.

د. هاني درغام

نجوم همس 15 - 9 - 2020 04:54 PM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
جع ـلهُ.. آللهْ.. فيّ.. ميزآنْ.. حسنآتكـ
أنآرَ.. آللهْ.. بصيرتكـ.. وَ بصرِكـ.. بـ/ نور.. آلإيمآنْ
وَ جع ـلهُ ..شآهِدا.. لِكـ.. يومـ.. آلع ـرض ..وَ آلميزآنْ
وَ ثبتكـ.. على.. آلسُنهْ.. وَ آلقُرآنْ
وأنار.. دربكـ.. وباركـ.. فيكـ

همسه الشوق 17 - 9 - 2020 12:58 AM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
انسكاب عطر
سعيده ان ذآئقتي هنآ نآلت اعجآبك
وسعيده بِ ولوجك الجميل هنآ
شكرآ وأكثر لكِ

سحابة عابرة 18 - 9 - 2020 11:33 AM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
جزاك الله خيراً
وكتب لك الاجر
واثقل موازين اعمالك
بطرحك القييم

همسه الشوق 18 - 9 - 2020 04:44 PM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
سحابة عابرة
سعيده ان ذآئقتي هنآ نآلت اعجآبك
وسعيده بِ ولوجك الجميل هنآ
شكرآ وأكثر لكِ

ابوصفاءالدليمي 28 - 9 - 2020 05:57 PM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
جزاكِ الله خير على

الموضوع القيم جعله
في ميزان حسناتك
ولا حرمك الاجر يارب
وانار الله قلبك بنور الايمان
تحيتي

عادل ابن الرافدين 5 - 10 - 2020 12:15 AM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
جزاك الله خيراً
ع هالطرح المفيد
وسلمت اناملك
وجعله في ميزان حسناتك لا عدمنا نشرك

ملكة الجمال 6 - 10 - 2020 05:01 PM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
جزاك الله خيرا

احمد الحلو 9 - 4 - 2021 01:04 PM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
جُزيت خيرا

طرح راقي وثري وجهد مميز سلمت الايادي

سوسنتي الحلوة

احمد الحلو

عيسى العنزي 16 - 4 - 2021 10:12 PM

رد: الدنيا دار إبتلاء
 
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي


الساعة الآن 11:14 PM

جميع الحقوق محفوظه للمنتدى
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.


SEO by vBSEO